أبو يوسف
15th September 2010, 06:48 PM
http://www.islam2you.com/forums/islam2youup/Allah/besmallah40.gif
أهمية الحكمة في الدعوة إلى الله .
1- قد بين القرآن الكريم طرق الدعوة إلى الله تعالى ، ويأتي في مقدمة هذه الطرق : الحكمة في الدعوة إلى
_ الله عز وجل _
وقد أمر الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله بالحكمة فقال
: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }سورة النحل آية 125 .
2- من تتبع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وجد أنه كان يلازم الحكمة في جميع أموره ، وخاصة في دعوته إلى الله عز وجل ، فأقبل الناس ودخلوا في دين الله أفواجاً بفضل الله تعالى ، ثم بفضل هذا النبي الحكيم صلى الله عليه وسلم الذي ملأ الله قلبه بالإيمان والحكمة ،
فعن أنس _رضي الله عنه _ قال : كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {فُرِجَ سقف بيتي وأنا بمكة ، فنزل جبريل فَفرج صدري ثم غسله بماء زمزم ، ثم جاء بطست (2) من ذهب ممتلئ حكمة وإيماناً فأفرغه في صدري ، ثم أطبقه ، ثم أخذ بيدي فعرج بي ...}
الحديث .
فرج سقف بيتي وأنا بمكة . فنزل جبريل صلى الله عليه وسلم . ففرج صدري . ثم غسله من ماء زمزم . ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا . فأفرغها في صدري . ثم أطبقه . ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء . فلما جئنا السماء الدنيا قال جبريل عليه السلام لخازن السماء الدنيا : افتح . قال : من هذا ؟ قال : هذا جبريل . قال : هل معك أحد ؟ قال : نعم . معي محمد صلى الله عليه وسلم . قال : فأرسل إليه ؟ قال : نعم . ففتح قال ، فلما علونا السماء الدنيا فإذا رجل عن يمينه أسودة . وعن يساره أسودة . قال ، فإذا نظر قبل يمينه ضحك . وإذا نظر قبل شماله بكى . قال فقال : مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح . قال قلت : يا جبريل ! من هذا ؟ قال : هذا آدم صلى الله عليه وسلم . وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه . فأهل اليمين أهل الجنة . والأسودة التي عن شماله أهل النار . فإذا نظر قبل يمينه ضحك . وإذا نظر قبل شماله بكى . قال ثم عرج بي جبريل حتى أتى السماء الثانية . فقال لخازنها : افتح . قال فقال له خازنها مثل ما قال خازن السماء الدنيا . ففتح . فقال أنس بن مالك : فذكر أنه وجد في السماوات آدم وإدريس وعيسى وموسى وإبراهيم . صلوات الله عليهم أجمعين . ولم يثبت كيف منازلهم . غير أنه ذكر أنه قد وجد آدم عليه السلام في السماء الدنيا . وإبراهيم في السماء السادسة . قال فلما مر جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بإدريس صلوات الله عليه قال : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح . قال ثم مر فقلت : من هذا ؟ فقال : هذا إدريس . قال ثم مررت بموسى عليه السلام . فقال : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح . قال قلت : من هذا ؟ قال ؟ : هذا موسى . قال ثم مررت بعيسى . فقال : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح . قلت : من هذا ؟ قال : هذا عيسى بن مريم . قال : ثم مررت بإبراهيم عليه السلام . فقال : مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح . قال قلت : من هذا ؟ قال : هذا إبراهيم . الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: مسلم (http://www.dorar.net/mhd/261) - المصدر: صحيح مسلم (http://www.dorar.net/book/$r-%3Esource_id&ajax=1) - لصفحة أو الرقم: 163
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وهذا يثبت أن الحكمة من أعظم الأمور الأساسية في منهج الدعوة إلى الله تعالى ، حيث امتلأ بها صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صاحب الدعوة مع الإيمان ، وهو قضية الدعوة في لحظة واحدة ، كما يؤكد قيمة وأهمية الحكمة من خلال مجيئها يحملها جبريل عليه السلام وهو روح القدس ، في طست من ذهب ، وهو أغلى المعادن ، في مكة المكرمة ، وهي البقعة المباركة ؛ ليمتلئ بها صدر محمد صلى الله عليه وسلم وهو خير الخلق ، بعد غسله بماء زمزم وهو أطهر ماء وأفضله .
وهذا يؤكد أن الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى أمرها عظيم وشأنها كبير ، وقد قال تعالى :
{وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ }سورة البقرة آية 269..
ثم سار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريقه وهديه في الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة ، فانتشر الإسلام في عهدهم _رضي الله عنهم _ انتشاراً عظيماً ، ودخل في الإسلام خلق لا يحصي عددهم إلا الله تعالى ، وجاء التابعون ، وكملوا السير في هذا الطريق في الدعوة إلى الله بالحكمة ، وهكذا سارت القرون الثلاثة المفضلة ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان ، فأظهر الله الإسلام وأهله ، وأَذَلَّ الشرك وأهله وأعوانه .
3/ ومن الناس من يظن أو يعتقد أن الحكمة تقتصر على الكلام اللين والرفق ، والعفو ، والحلم .. فحسب . وهذا نقص وقصور ظاهر لمفهوم الحكمة ؛ فإن الحكمة قد تكون :
* باستخدام الرفق واللين ، والحلم والعفو ، مع بيان الحق علماً وعملاً واعتقاداً بالأدلة ، وهذه المرتبة تستخدم لجميع الأذكياء من البشر الذين يقبلون الحق ولا يعاندون .
* وتارة تكون الحكمة باستخدام الموعظة الحسنة المشتملة على الترغيب في الحق والترهيب من الباطل ، وهذه المرتبة تستخدم مع القابل للحق المعترف به ، ولكن عنده غفلة أو شهوات وأهواء تصده عن اتباع الحق .
* وتارة تكون الحكمة باستخدام الجدال بالتي هي أحسن ، بحسن خلق، ولطف ، ولين كلام ، ودعوة إلى الحق ، وتحسينه بالأدلة الشرعية والعقلية ، ورد الباطل بأقرب طريق وأنسب عبارة ، وأن لا يكون القصد من ذلك مجرد المجادلة والمغالبة وحب العلو ، بل لابد أن يكون القصد بيان الحق وهداية الخلق ، وهذه المرتبة تستخدم لكل معاند وجاحد .
* وتارة تكون الحكمة باستخدام القوة : بالكلام القوي ، وبالضرب والتأديب وإقامة الحدود لمن كان له قوة وسلطة مشروعة ، وبالجهاد في سبيل الله بالسيف والسنان تحت لواء ولي أمر المسلمين مع مراعاة الضوابط والشروط التي دَّل عليها الكتاب والسنة . وهذه المرتبة تستخدم لكل معاند جاحد ظلم وطغى ، ولم يرجع للحق بل رده ووقف في طريقه (5) .
وما أحسن ما قاله الشاعر :
دعا المصطفى دهراً بمكة لم يُجب وقد لان منه جانبٌ وخـطابُ
فلما دعا والسيف صـلتٌ بــِكفِّــهِ له اسلموا واستسلموا وأنابوا(6)
وصدق هذا القائل فقد قال قولاً صادقاً مطابقاً للحق (7) ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم :{
إن من الشعر حكمة
الراوي: أبي بن كعب المحدث: البخاري (http://www.dorar.net/mhd/256) - المصدر: صحيح البخاري (http://www.dorar.net/book/$r-%3Esource_id&ajax=1) - لصفحة أو الرقم: 6145
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
4/ الحكمة تجعل الداعية إلى الله يقدر الأمور قدرها فلا يزهد في الدنيا والناس بحاجة إلى النشاط والجد والعمل ، ولا يدعو إلى التبتل والانقطاع والمسلمون بحاجة إلى الدفاع عن عقيدتهم وبلادهم ، ولا يبدأ بتعليم الناس البيع والشراء وهم في مسيس الحاجة إلى تعلم الوضوء والصلاة .
5/ الحكمة تجعل الداعية إلى الله يتأمل ويراعي أحوال المدعوين وظروفهم وأخلاقهم وطبائعهم ، والوسائل التي يؤتون من قبلها ، والقدر الذي يبين لهم في كل مرة حتى لا يثقل عليهم ، ولا يشق بالتكاليف قبل استعداد النفوس لها ، والطريقة التي يخاطبهم بها ، والتنويع والتشويق في هذه الطريقة حسب مقتضياتها ، ويدعو إلى الله بالعلم لا بالجهل ، ويبدأ بالنهم فالذي يليه ، ويعلم العامة ما يحتاجونه بألفاظ وعبارات قريبة من أفهامهم ومستوياتهم ، ويخاطبهم على قدر عقولهم ، فالحكمة تجعل الداعية ينظر ببصيرة المؤمن ، فيرى حاجة الناس فيعالجها بحسب ما يقتضيه الحال ، وبذلك ينفذ إلى قلوب الناس من أوسع الأبواب ، وتنشرح له صدورهم ، ويرون فيه المنقذ الحريص على سعادتهم ورفاهيتهم وأمنهم واطمئنانهم ، وهذا كله من الدعوة إلى الله بالحكمة والتي هي الطريق الوحيد للنجاح .
بقلم : أ . سعيد بن علي بن وهف القحطاني .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
(1) .
(2) 1/460، والمعجم الوسيط ، مادة : (الطست) 2/557 .
(3) البخاري مع الفتح ، كتاب الصلاة ، باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء 1/458، ومسلم واللفظ له ، كتاب الإيمان ، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السموات وفرض الصلوات 1/148.
(4)
(5) انظر مفتاح السعادة لابن القيم 1/194 ، وتفسير ابن كثير 3/416 و 4/315 ، وفتاوى ابن تيمية 2/ 45 و 19/ 164 .
(6) ذكر سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز في مجموع فتاواه 3/184 و 204: أن هذا الشعر يروى لحسان بن ثابت رضي الله عنه .
(7) انظر فتح الباري 10/540، 6/531 وشرح النووي على صحيح مسلم 2/33 ، وعون المعبود شرح سنن أبي داود 13/354 .
(8) البخاري مع الفتح ، كتاب الأدب ، باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه ، 10 / 537 .
أهمية الحكمة في الدعوة إلى الله .
1- قد بين القرآن الكريم طرق الدعوة إلى الله تعالى ، ويأتي في مقدمة هذه الطرق : الحكمة في الدعوة إلى
_ الله عز وجل _
وقد أمر الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله بالحكمة فقال
: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }سورة النحل آية 125 .
2- من تتبع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وجد أنه كان يلازم الحكمة في جميع أموره ، وخاصة في دعوته إلى الله عز وجل ، فأقبل الناس ودخلوا في دين الله أفواجاً بفضل الله تعالى ، ثم بفضل هذا النبي الحكيم صلى الله عليه وسلم الذي ملأ الله قلبه بالإيمان والحكمة ،
فعن أنس _رضي الله عنه _ قال : كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {فُرِجَ سقف بيتي وأنا بمكة ، فنزل جبريل فَفرج صدري ثم غسله بماء زمزم ، ثم جاء بطست (2) من ذهب ممتلئ حكمة وإيماناً فأفرغه في صدري ، ثم أطبقه ، ثم أخذ بيدي فعرج بي ...}
الحديث .
فرج سقف بيتي وأنا بمكة . فنزل جبريل صلى الله عليه وسلم . ففرج صدري . ثم غسله من ماء زمزم . ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا . فأفرغها في صدري . ثم أطبقه . ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء . فلما جئنا السماء الدنيا قال جبريل عليه السلام لخازن السماء الدنيا : افتح . قال : من هذا ؟ قال : هذا جبريل . قال : هل معك أحد ؟ قال : نعم . معي محمد صلى الله عليه وسلم . قال : فأرسل إليه ؟ قال : نعم . ففتح قال ، فلما علونا السماء الدنيا فإذا رجل عن يمينه أسودة . وعن يساره أسودة . قال ، فإذا نظر قبل يمينه ضحك . وإذا نظر قبل شماله بكى . قال فقال : مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح . قال قلت : يا جبريل ! من هذا ؟ قال : هذا آدم صلى الله عليه وسلم . وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه . فأهل اليمين أهل الجنة . والأسودة التي عن شماله أهل النار . فإذا نظر قبل يمينه ضحك . وإذا نظر قبل شماله بكى . قال ثم عرج بي جبريل حتى أتى السماء الثانية . فقال لخازنها : افتح . قال فقال له خازنها مثل ما قال خازن السماء الدنيا . ففتح . فقال أنس بن مالك : فذكر أنه وجد في السماوات آدم وإدريس وعيسى وموسى وإبراهيم . صلوات الله عليهم أجمعين . ولم يثبت كيف منازلهم . غير أنه ذكر أنه قد وجد آدم عليه السلام في السماء الدنيا . وإبراهيم في السماء السادسة . قال فلما مر جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بإدريس صلوات الله عليه قال : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح . قال ثم مر فقلت : من هذا ؟ فقال : هذا إدريس . قال ثم مررت بموسى عليه السلام . فقال : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح . قال قلت : من هذا ؟ قال ؟ : هذا موسى . قال ثم مررت بعيسى . فقال : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح . قلت : من هذا ؟ قال : هذا عيسى بن مريم . قال : ثم مررت بإبراهيم عليه السلام . فقال : مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح . قال قلت : من هذا ؟ قال : هذا إبراهيم . الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: مسلم (http://www.dorar.net/mhd/261) - المصدر: صحيح مسلم (http://www.dorar.net/book/$r-%3Esource_id&ajax=1) - لصفحة أو الرقم: 163
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وهذا يثبت أن الحكمة من أعظم الأمور الأساسية في منهج الدعوة إلى الله تعالى ، حيث امتلأ بها صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صاحب الدعوة مع الإيمان ، وهو قضية الدعوة في لحظة واحدة ، كما يؤكد قيمة وأهمية الحكمة من خلال مجيئها يحملها جبريل عليه السلام وهو روح القدس ، في طست من ذهب ، وهو أغلى المعادن ، في مكة المكرمة ، وهي البقعة المباركة ؛ ليمتلئ بها صدر محمد صلى الله عليه وسلم وهو خير الخلق ، بعد غسله بماء زمزم وهو أطهر ماء وأفضله .
وهذا يؤكد أن الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى أمرها عظيم وشأنها كبير ، وقد قال تعالى :
{وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ }سورة البقرة آية 269..
ثم سار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريقه وهديه في الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة ، فانتشر الإسلام في عهدهم _رضي الله عنهم _ انتشاراً عظيماً ، ودخل في الإسلام خلق لا يحصي عددهم إلا الله تعالى ، وجاء التابعون ، وكملوا السير في هذا الطريق في الدعوة إلى الله بالحكمة ، وهكذا سارت القرون الثلاثة المفضلة ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان ، فأظهر الله الإسلام وأهله ، وأَذَلَّ الشرك وأهله وأعوانه .
3/ ومن الناس من يظن أو يعتقد أن الحكمة تقتصر على الكلام اللين والرفق ، والعفو ، والحلم .. فحسب . وهذا نقص وقصور ظاهر لمفهوم الحكمة ؛ فإن الحكمة قد تكون :
* باستخدام الرفق واللين ، والحلم والعفو ، مع بيان الحق علماً وعملاً واعتقاداً بالأدلة ، وهذه المرتبة تستخدم لجميع الأذكياء من البشر الذين يقبلون الحق ولا يعاندون .
* وتارة تكون الحكمة باستخدام الموعظة الحسنة المشتملة على الترغيب في الحق والترهيب من الباطل ، وهذه المرتبة تستخدم مع القابل للحق المعترف به ، ولكن عنده غفلة أو شهوات وأهواء تصده عن اتباع الحق .
* وتارة تكون الحكمة باستخدام الجدال بالتي هي أحسن ، بحسن خلق، ولطف ، ولين كلام ، ودعوة إلى الحق ، وتحسينه بالأدلة الشرعية والعقلية ، ورد الباطل بأقرب طريق وأنسب عبارة ، وأن لا يكون القصد من ذلك مجرد المجادلة والمغالبة وحب العلو ، بل لابد أن يكون القصد بيان الحق وهداية الخلق ، وهذه المرتبة تستخدم لكل معاند وجاحد .
* وتارة تكون الحكمة باستخدام القوة : بالكلام القوي ، وبالضرب والتأديب وإقامة الحدود لمن كان له قوة وسلطة مشروعة ، وبالجهاد في سبيل الله بالسيف والسنان تحت لواء ولي أمر المسلمين مع مراعاة الضوابط والشروط التي دَّل عليها الكتاب والسنة . وهذه المرتبة تستخدم لكل معاند جاحد ظلم وطغى ، ولم يرجع للحق بل رده ووقف في طريقه (5) .
وما أحسن ما قاله الشاعر :
دعا المصطفى دهراً بمكة لم يُجب وقد لان منه جانبٌ وخـطابُ
فلما دعا والسيف صـلتٌ بــِكفِّــهِ له اسلموا واستسلموا وأنابوا(6)
وصدق هذا القائل فقد قال قولاً صادقاً مطابقاً للحق (7) ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم :{
إن من الشعر حكمة
الراوي: أبي بن كعب المحدث: البخاري (http://www.dorar.net/mhd/256) - المصدر: صحيح البخاري (http://www.dorar.net/book/$r-%3Esource_id&ajax=1) - لصفحة أو الرقم: 6145
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
4/ الحكمة تجعل الداعية إلى الله يقدر الأمور قدرها فلا يزهد في الدنيا والناس بحاجة إلى النشاط والجد والعمل ، ولا يدعو إلى التبتل والانقطاع والمسلمون بحاجة إلى الدفاع عن عقيدتهم وبلادهم ، ولا يبدأ بتعليم الناس البيع والشراء وهم في مسيس الحاجة إلى تعلم الوضوء والصلاة .
5/ الحكمة تجعل الداعية إلى الله يتأمل ويراعي أحوال المدعوين وظروفهم وأخلاقهم وطبائعهم ، والوسائل التي يؤتون من قبلها ، والقدر الذي يبين لهم في كل مرة حتى لا يثقل عليهم ، ولا يشق بالتكاليف قبل استعداد النفوس لها ، والطريقة التي يخاطبهم بها ، والتنويع والتشويق في هذه الطريقة حسب مقتضياتها ، ويدعو إلى الله بالعلم لا بالجهل ، ويبدأ بالنهم فالذي يليه ، ويعلم العامة ما يحتاجونه بألفاظ وعبارات قريبة من أفهامهم ومستوياتهم ، ويخاطبهم على قدر عقولهم ، فالحكمة تجعل الداعية ينظر ببصيرة المؤمن ، فيرى حاجة الناس فيعالجها بحسب ما يقتضيه الحال ، وبذلك ينفذ إلى قلوب الناس من أوسع الأبواب ، وتنشرح له صدورهم ، ويرون فيه المنقذ الحريص على سعادتهم ورفاهيتهم وأمنهم واطمئنانهم ، وهذا كله من الدعوة إلى الله بالحكمة والتي هي الطريق الوحيد للنجاح .
بقلم : أ . سعيد بن علي بن وهف القحطاني .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
(1) .
(2) 1/460، والمعجم الوسيط ، مادة : (الطست) 2/557 .
(3) البخاري مع الفتح ، كتاب الصلاة ، باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء 1/458، ومسلم واللفظ له ، كتاب الإيمان ، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السموات وفرض الصلوات 1/148.
(4)
(5) انظر مفتاح السعادة لابن القيم 1/194 ، وتفسير ابن كثير 3/416 و 4/315 ، وفتاوى ابن تيمية 2/ 45 و 19/ 164 .
(6) ذكر سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز في مجموع فتاواه 3/184 و 204: أن هذا الشعر يروى لحسان بن ثابت رضي الله عنه .
(7) انظر فتح الباري 10/540، 6/531 وشرح النووي على صحيح مسلم 2/33 ، وعون المعبود شرح سنن أبي داود 13/354 .
(8) البخاري مع الفتح ، كتاب الأدب ، باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه ، 10 / 537 .