أبو يوسف
2nd April 2010, 11:42 PM
http://www.islam2you.com/forums/islam2youup/Allah/salam.gif
http://www.islam2you.com/forums/islam2youup/Allah/besmallah.gif
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد http://www.islam2you.com/forums/islam2youup/Allah/salah.gifوعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد
تنمية جانب التدين عند الطفل وفق خصائص عمره
الكاتب
د. صلاح الدين السرسي
لا يستطيع أي مجتمع من ان يبقى ويستمر دون ان تحكمه مجموعة من القوانين والقواعد المنظمة لعلاقات أفراده بعضهم ببعض وتكون لهم بمثابة المعايير المعتمدة في توجيه سلوكهم وتقويم انحرافهم ، غير أن احترام هذه القواعد والقوانين لايبزغ فجأة فى سن الرشد ، لكن هذا السلوك ينمو مع الطفل كباقى الخصائص المعرفية والانفعالية والسلوكية ، فلكل مرحلة سنية قواعدها وقوانينها ، والقيم الدينية لها الدور الرئيس فى تشكيل هذه القواعد وفى غرس المبادئ الأخلاقية التى تهدف إلى تقوية العلاقة الاجتماعية وتعزيز تكيف الفرد مع نفسه والتصرف وفق معتقداته.والدين ليس عقائداً وطقوساً وعبادات وحسب ، ولكنه فعل ، وإرادة ، وممارسة تفيض حماساً ورغبة صادقة في الاتصال بالخالق ، والإيمان الصادق لا يخلو مطلقاُ من هذا الحماس والانفعال "كما أن الدين ليس عاطفة وحسب ، ولكن كل هذه (العناصر) مجتمعة (المعتقدات – الشعائر – الأعمال الظاهرة ، والباطنة) تشكل جوهر الدين والاتجاه الديني لدى الفرد.
وعلينا أن نضع فى اعتبارنا خصائص الطفل العقلية والوجدانية والسلوكية وأن نتعامل معه بما يتناسب وخصائص كل مرحلة من مراحل عمره . فلا يعقل أن نخاطب طفل الرابعة كما نخاطب الراشد أو ابن الخامسة عشر . فلكل مرحلة مستوى من المفاهيم ومستوى من السلوكيات تستطيع أن تدركها وأن تقوم بها.
فى السنوات السبع الأولى من حياة الطفل علينا أن نحببه فى الله وأن نقرب مفهوم الذات الإلهية اليه ، فهو لا يدرك بعد الأمور المجردة ، ولا يزال ادراكه مرتبط مباشرة بالمدركات الحسية المباشرة التى يسمعها ويراها ويتذوقها ويشمها ويلمسها فى بيئته المباشرة ، علينا أن نقرب اليه المفاهيم الدينية من خلال علاقتنا به ، فعلى الوالدين أن يحيطانه بالحب ويغمرانه بالحنان ، وأن يحددا له الصواب والخطأ ، فالله يحبنا ويرزقنا ويستجيب لدعواتنا ، خاصة اذا كنا نطيعه ، فالله يمنح الخير لمن يطيعه ، يمكنه من جلب الحلوى لأبنائه ، ومن رزقه يشترى لهم الثياب ، ومن كرمه مكنهم من شراء السيارة ، فعلينا أن نحب الله ، ولأن الطفل فى هذه المرحلة يتحدد ادراكه بالمباشر ، فستكون علاقته بالله بقدر علاقة الوالدين به ، حبهما له ورحمتهما به واحاطته بحنانهما ، ومناقشته بما يتلاءم وفهمه سيغرس فيه حب الله وسيوجهه الى الطاعة الإيجابية ، وسيشوقه الى عطائه .
" فالحب الديني ليس إلا الحب العادي موجهاً إلى موضوع دينى هو الله ، وما الخوف الديني سوى الخوف الطبيعي بجميع مظاهره الخارجية وكل ما هنالك أن ما يثيره ليس موضوعاً طبيعياً كالذي يثيره شخص مخيف ، أو حيوان مفترس ، وإن ما يثيره هو العقاب الإلهي ، والرجفة الدينية لا تختلف في شئ عن الرجفة العادية التي تغزونا عندما نضل الطريق في صحراء موحشة مثلاً ، بيد أنها رجفة نتجت عن التفكير في علاقتنا بما هو إلهي ، وما يقال عن الانفعالات الدينية يقال كذلك عن الموضوع الديني والعقل الديني".
وأعتقد أن هذه المرحلة هى التى أهملناها فى تنشئتنا ، فنحن فى خطابنا للطفل وفى توجيهاتنا له نتجاهل مرحلته السنية ونحدثه كما لو كان رجلا أو امرأة ، ونركز على العبادات التى لم يكلف بها بعد وننسى التمهيد لهذه المرحلة والإعداد الجيد لها ونتجاهل حقيقة أن ما يصلح للكبار لا يصلح للأطفال . الطفل يحتاج الى الحب والأمان ، وهو يطيع من يحبه ، فعلينا أن نحببه فى الله ، بكل الطرق والوسائل المتاحة ، واذا نجحنا فى تحبيب الطفل فى الله ، تبع هذا الحب ضرورة طاعة الله الذى أحبه ، وطاعتنا لله فى الامتثال لأوامره .
وعلينا أن نتعرف على خصائص المرحلة السنية وأن نستثمرها تربويا مراعين الحقائق التالية:
1 – التدين ظاهرة فطرية لدى الطفل ، ومن خلال هذه الخاصية ، وبالإضافة إلى خاصية سهولة تقبلهم أقل شىء فى هذه المرحلة ، فإن تنمية مجموعة من المفاهيم الدينية المناسبة أمر سهل ،وبخاصة أنهم يملكون الاستعداد لتقبل تلك العناصر الدينية .
2- لما كان التدريب ، والتعويد ، والتكرار له دور فعال فى تكوين ، وتنمية مفاهيم الدين فإنه ينبغى على المربين أن يقوموا ( وبخاصة المعلمات ) بتكرار السلوكيات المرغوبة أمام الأطفال ويطلبوا من الأطفال ذلك حتى تثبت ، وتصير لديهم عادة .
3 – بوصول الطفل إلى سن الرابعة يبدأ فى توجيه مجموعة من الأسئلة ذات المضمون الدينى ، وينبغى استغلال حاجة الطفل لاستطلاع هذه الإجابة فى تقديم إجابات شافية من خلال المفاهيم الدينية المناسبة له ، والتى تجيب على أسئلته .
4- إذا كان خيال الطفل خصباً وينزع إلى التعددية فى تصور المفاهيم الدينية فى هذه المرحلة فمن المطلوب تقديم مجموعة من الحكايات ، أو القصص التى تقابل هذه الخاصية فى شخصية الطفل ، وتشبع رغبته فى التخيل ، ولكنها فى نفس الوقت تربطه بالواقع الذى يعيشه من خلال القيام بأدوار تجسد هذه الحكايات بمواقفها المتعددة .
5 – لا يدرك الطفل المعاني المجردة للمفاهيم الدينية وبخاصة فى مجال العقيدة الدينية ( الغيبيات وتعتمد تفسيراته لها على المشاهدات الحسية والواقعية ، ومن ثم ينبغى استخدام حواس الطفل عند تقديم المفاهيم الدينية المناسبة ، والابتعاد عن المعاني المجردة ، واختيار الموضوعات بما يتفق ومنطق المحسوسات مع التركيز على القريب ، والبسيط ، والسهل ، وغير المعقد بالنسبة لتفكير الطفل .
6- يتميز النمو الديني للطفل بالواقعية والشكلية والنوعية ، ولهذا ينبغى تقديم الأمثلة الحسية الواقعية وبخاصة المتصلة بحياة الطفل ذاته ، أو علاقاته مع الآخرين ، وأن يقوم المربون بتقليدها ، وبمحاكاتها أمامه ليسهل عليه محاكاته ، واستغلال خاصة النفعية فى تعزيز النجاح فى تحقيق أهداف المناشط الدينية .
7- أن النمو الدينى يرتبط بالنمو الخلقى خاصة فى مجتمعنا الإسلامى الذى تحتل فيه الأخلاق مكانة مركزية فى القرآن والسنة النبوية ، للدرجة التى
جعلت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول
إنما بعثت لأتمم مكارم و في رواية ( صالح ) الأخلاق
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: السلسلة الصحيحة (http://www.dorar.net/book/561&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 45
خلاصة حكم المحدث: صحيح
ويقول عليه الصلاة والسلام:
إن من أحبكم إلي ، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة ؛ أحسنكم أخلاقا .
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الترغيب (http://www.dorar.net/book/531&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 2649
خلاصة حكم المحدث: صحيح
(إنها فرصة عظيمة إذًا لنحبب الطفل فى الله وفى الرسول حتى يحظى بمجاورة الرسول والقرب منه فى الجنة ، مع الإفاضة فى وصف الجنة بكل الصفات المحببة لطفلنا فى هذا العمر ، حيث اشجار الفاكهة المتنوعة طيبة المذاق ، جميلة المنظر التى لا ينقطع ثمارها ولا تنفد مواردها ، والطيور الجميلة المغردة والملونة ، والأنهار العذبة الصافية ، والطقس اللطيف لا هو بالحار ولا بالبارد وانما اعتدال دائم ونسيم عليل وأريج فواح ، الذى يخلو من الحرارة المؤذية والبرودة الضارة .
علينا أن نبين لأطفالنا أن حسن الخلق هو أكثر ما يدخل الناس دار النعيم, كما صرح به الحبيب صلى الله عليه وسلم قال:
الفم والفرج . وسئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ قال : تقوى الله ،
وحسن الخلق .
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الترغيب (http://www.dorar.net/book/531&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1723
خلاصة حكم المحدث: حسن
, ويعد الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى بسكن أعالي الجنان، إذا تمسكت بالخلق العظيم فيقول صلى الله عليه وسلم من حديث له :
أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا ، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه .
الراوي: أبو أمامة الباهلي المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الترغيب (http://www.dorar.net/book/531&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 2648
خلاصة حكم المحدث: حسن
وسر تلك المكانة العالية في أعالي الجنان لصاحب الخلق العظيم, يوضحه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثين عظيمين:
الأول: قوله صلى الله عليه وسلم
ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق
الراوي: أبو الدرداء المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الترغيب (http://www.dorar.net/book/531&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 2641
خلاصة حكم المحدث: صحيح.
والثاني: قوله صلى الله عليه وسلم
إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل ، وصائم النهار .
الراوي: عائشة المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح (http://www.dorar.net/book/3031&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 5011
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
إذًا حسن الخلق في الإسلام شيء عظيم, له أثره الكبير في تهذيب الطباع وتزكية النفوس, وله أثره أيضًا في تهذيب الشخصية الاجتماعبة الراقية التي يتميز بها المسلم.
والطفل يكتسب قيمه الأخلاقية من البيئة والمحيط الذى يعيش فيه ، ويجب على الكبار أن يساعدوه في هذا الأمر، ولا يجب أن يبادروه بالسلوك الذي لا يرونه لائقاً ولا يريدونه أن يصدر منه.
ومن أهم الأمور في التربية الأخلاقية للطفل هي أن يحافظ كل من الأب والأُم والآخرين على سلوكهم هم أولاً، وإلاّ فإنّ أوامرهم وقوانينهم الأخلاقية التي لا يتمسكون بها لن تنتج ولا تعطي ثمارها بالنسبة لأولادهم. فإذا كان الأب والأُم والمربّون، صادقين ومستقيمين ويدركون أهمية الوقت ـ مثلاً ـ وملزمِيْن برعاية السلوكيات المقبولة أخلاقياً، فإنّ الأطفال سيتقبلون هذا السلوك وتلك الصفات بسهولة وسوف يؤدونها بعد ذلك؛ لذلك، فإنّ الأمر المهم في نمو الأخلاق، ليس هو أمر ونهي وتوبيخ الأطفال جرّاء قيامهم بالأعمال غير الصحيحة؛ بل المهم هو في نفس إعراض الوالدين والمربِّين عن تلك الأعمال والسلوكيات الخاطئة واللامعقولة مثل: الكذب على الأطفال، فالإعراض عن تلك الأعمال القبيحة سيجعل الطفل في معرض تعلّم الأعمال الصحيحة بشكل صائب ومثمر. ويلزم التذكير أن التربية الأخلاقية للطفل هي ليست بمعنى منع الطفل عن القيام بأي عمل؛ بل الأفضل أن لا نسلب حريته عن كل ما ليس من شأنه أن ينجم عنه الإضرار بالطفل. وسوف نستكمل الحديث عن النمو الخلقى فى المقالة القادمة بمشيئة الله .
قال الله تعالى :
(وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)ال عمران 104
{ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } (لأعراف:199)
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : احيوا الحق بذكره واميتوا الباطل بهجره
الله أكبر إن دين محمد أقوى وأقوم قيلا
طلع الصباح فأطفئوا القنديلا منقول
http://www.islam2you.com/forums/islam2youup/Allah/besmallah.gif
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد http://www.islam2you.com/forums/islam2youup/Allah/salah.gifوعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد
تنمية جانب التدين عند الطفل وفق خصائص عمره
الكاتب
د. صلاح الدين السرسي
لا يستطيع أي مجتمع من ان يبقى ويستمر دون ان تحكمه مجموعة من القوانين والقواعد المنظمة لعلاقات أفراده بعضهم ببعض وتكون لهم بمثابة المعايير المعتمدة في توجيه سلوكهم وتقويم انحرافهم ، غير أن احترام هذه القواعد والقوانين لايبزغ فجأة فى سن الرشد ، لكن هذا السلوك ينمو مع الطفل كباقى الخصائص المعرفية والانفعالية والسلوكية ، فلكل مرحلة سنية قواعدها وقوانينها ، والقيم الدينية لها الدور الرئيس فى تشكيل هذه القواعد وفى غرس المبادئ الأخلاقية التى تهدف إلى تقوية العلاقة الاجتماعية وتعزيز تكيف الفرد مع نفسه والتصرف وفق معتقداته.والدين ليس عقائداً وطقوساً وعبادات وحسب ، ولكنه فعل ، وإرادة ، وممارسة تفيض حماساً ورغبة صادقة في الاتصال بالخالق ، والإيمان الصادق لا يخلو مطلقاُ من هذا الحماس والانفعال "كما أن الدين ليس عاطفة وحسب ، ولكن كل هذه (العناصر) مجتمعة (المعتقدات – الشعائر – الأعمال الظاهرة ، والباطنة) تشكل جوهر الدين والاتجاه الديني لدى الفرد.
وعلينا أن نضع فى اعتبارنا خصائص الطفل العقلية والوجدانية والسلوكية وأن نتعامل معه بما يتناسب وخصائص كل مرحلة من مراحل عمره . فلا يعقل أن نخاطب طفل الرابعة كما نخاطب الراشد أو ابن الخامسة عشر . فلكل مرحلة مستوى من المفاهيم ومستوى من السلوكيات تستطيع أن تدركها وأن تقوم بها.
فى السنوات السبع الأولى من حياة الطفل علينا أن نحببه فى الله وأن نقرب مفهوم الذات الإلهية اليه ، فهو لا يدرك بعد الأمور المجردة ، ولا يزال ادراكه مرتبط مباشرة بالمدركات الحسية المباشرة التى يسمعها ويراها ويتذوقها ويشمها ويلمسها فى بيئته المباشرة ، علينا أن نقرب اليه المفاهيم الدينية من خلال علاقتنا به ، فعلى الوالدين أن يحيطانه بالحب ويغمرانه بالحنان ، وأن يحددا له الصواب والخطأ ، فالله يحبنا ويرزقنا ويستجيب لدعواتنا ، خاصة اذا كنا نطيعه ، فالله يمنح الخير لمن يطيعه ، يمكنه من جلب الحلوى لأبنائه ، ومن رزقه يشترى لهم الثياب ، ومن كرمه مكنهم من شراء السيارة ، فعلينا أن نحب الله ، ولأن الطفل فى هذه المرحلة يتحدد ادراكه بالمباشر ، فستكون علاقته بالله بقدر علاقة الوالدين به ، حبهما له ورحمتهما به واحاطته بحنانهما ، ومناقشته بما يتلاءم وفهمه سيغرس فيه حب الله وسيوجهه الى الطاعة الإيجابية ، وسيشوقه الى عطائه .
" فالحب الديني ليس إلا الحب العادي موجهاً إلى موضوع دينى هو الله ، وما الخوف الديني سوى الخوف الطبيعي بجميع مظاهره الخارجية وكل ما هنالك أن ما يثيره ليس موضوعاً طبيعياً كالذي يثيره شخص مخيف ، أو حيوان مفترس ، وإن ما يثيره هو العقاب الإلهي ، والرجفة الدينية لا تختلف في شئ عن الرجفة العادية التي تغزونا عندما نضل الطريق في صحراء موحشة مثلاً ، بيد أنها رجفة نتجت عن التفكير في علاقتنا بما هو إلهي ، وما يقال عن الانفعالات الدينية يقال كذلك عن الموضوع الديني والعقل الديني".
وأعتقد أن هذه المرحلة هى التى أهملناها فى تنشئتنا ، فنحن فى خطابنا للطفل وفى توجيهاتنا له نتجاهل مرحلته السنية ونحدثه كما لو كان رجلا أو امرأة ، ونركز على العبادات التى لم يكلف بها بعد وننسى التمهيد لهذه المرحلة والإعداد الجيد لها ونتجاهل حقيقة أن ما يصلح للكبار لا يصلح للأطفال . الطفل يحتاج الى الحب والأمان ، وهو يطيع من يحبه ، فعلينا أن نحببه فى الله ، بكل الطرق والوسائل المتاحة ، واذا نجحنا فى تحبيب الطفل فى الله ، تبع هذا الحب ضرورة طاعة الله الذى أحبه ، وطاعتنا لله فى الامتثال لأوامره .
وعلينا أن نتعرف على خصائص المرحلة السنية وأن نستثمرها تربويا مراعين الحقائق التالية:
1 – التدين ظاهرة فطرية لدى الطفل ، ومن خلال هذه الخاصية ، وبالإضافة إلى خاصية سهولة تقبلهم أقل شىء فى هذه المرحلة ، فإن تنمية مجموعة من المفاهيم الدينية المناسبة أمر سهل ،وبخاصة أنهم يملكون الاستعداد لتقبل تلك العناصر الدينية .
2- لما كان التدريب ، والتعويد ، والتكرار له دور فعال فى تكوين ، وتنمية مفاهيم الدين فإنه ينبغى على المربين أن يقوموا ( وبخاصة المعلمات ) بتكرار السلوكيات المرغوبة أمام الأطفال ويطلبوا من الأطفال ذلك حتى تثبت ، وتصير لديهم عادة .
3 – بوصول الطفل إلى سن الرابعة يبدأ فى توجيه مجموعة من الأسئلة ذات المضمون الدينى ، وينبغى استغلال حاجة الطفل لاستطلاع هذه الإجابة فى تقديم إجابات شافية من خلال المفاهيم الدينية المناسبة له ، والتى تجيب على أسئلته .
4- إذا كان خيال الطفل خصباً وينزع إلى التعددية فى تصور المفاهيم الدينية فى هذه المرحلة فمن المطلوب تقديم مجموعة من الحكايات ، أو القصص التى تقابل هذه الخاصية فى شخصية الطفل ، وتشبع رغبته فى التخيل ، ولكنها فى نفس الوقت تربطه بالواقع الذى يعيشه من خلال القيام بأدوار تجسد هذه الحكايات بمواقفها المتعددة .
5 – لا يدرك الطفل المعاني المجردة للمفاهيم الدينية وبخاصة فى مجال العقيدة الدينية ( الغيبيات وتعتمد تفسيراته لها على المشاهدات الحسية والواقعية ، ومن ثم ينبغى استخدام حواس الطفل عند تقديم المفاهيم الدينية المناسبة ، والابتعاد عن المعاني المجردة ، واختيار الموضوعات بما يتفق ومنطق المحسوسات مع التركيز على القريب ، والبسيط ، والسهل ، وغير المعقد بالنسبة لتفكير الطفل .
6- يتميز النمو الديني للطفل بالواقعية والشكلية والنوعية ، ولهذا ينبغى تقديم الأمثلة الحسية الواقعية وبخاصة المتصلة بحياة الطفل ذاته ، أو علاقاته مع الآخرين ، وأن يقوم المربون بتقليدها ، وبمحاكاتها أمامه ليسهل عليه محاكاته ، واستغلال خاصة النفعية فى تعزيز النجاح فى تحقيق أهداف المناشط الدينية .
7- أن النمو الدينى يرتبط بالنمو الخلقى خاصة فى مجتمعنا الإسلامى الذى تحتل فيه الأخلاق مكانة مركزية فى القرآن والسنة النبوية ، للدرجة التى
جعلت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول
إنما بعثت لأتمم مكارم و في رواية ( صالح ) الأخلاق
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: السلسلة الصحيحة (http://www.dorar.net/book/561&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 45
خلاصة حكم المحدث: صحيح
ويقول عليه الصلاة والسلام:
إن من أحبكم إلي ، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة ؛ أحسنكم أخلاقا .
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الترغيب (http://www.dorar.net/book/531&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 2649
خلاصة حكم المحدث: صحيح
(إنها فرصة عظيمة إذًا لنحبب الطفل فى الله وفى الرسول حتى يحظى بمجاورة الرسول والقرب منه فى الجنة ، مع الإفاضة فى وصف الجنة بكل الصفات المحببة لطفلنا فى هذا العمر ، حيث اشجار الفاكهة المتنوعة طيبة المذاق ، جميلة المنظر التى لا ينقطع ثمارها ولا تنفد مواردها ، والطيور الجميلة المغردة والملونة ، والأنهار العذبة الصافية ، والطقس اللطيف لا هو بالحار ولا بالبارد وانما اعتدال دائم ونسيم عليل وأريج فواح ، الذى يخلو من الحرارة المؤذية والبرودة الضارة .
علينا أن نبين لأطفالنا أن حسن الخلق هو أكثر ما يدخل الناس دار النعيم, كما صرح به الحبيب صلى الله عليه وسلم قال:
الفم والفرج . وسئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ قال : تقوى الله ،
وحسن الخلق .
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الترغيب (http://www.dorar.net/book/531&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1723
خلاصة حكم المحدث: حسن
, ويعد الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى بسكن أعالي الجنان، إذا تمسكت بالخلق العظيم فيقول صلى الله عليه وسلم من حديث له :
أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا ، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه .
الراوي: أبو أمامة الباهلي المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الترغيب (http://www.dorar.net/book/531&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 2648
خلاصة حكم المحدث: حسن
وسر تلك المكانة العالية في أعالي الجنان لصاحب الخلق العظيم, يوضحه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثين عظيمين:
الأول: قوله صلى الله عليه وسلم
ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق
الراوي: أبو الدرداء المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الترغيب (http://www.dorar.net/book/531&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 2641
خلاصة حكم المحدث: صحيح.
والثاني: قوله صلى الله عليه وسلم
إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل ، وصائم النهار .
الراوي: عائشة المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح (http://www.dorar.net/book/3031&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 5011
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
إذًا حسن الخلق في الإسلام شيء عظيم, له أثره الكبير في تهذيب الطباع وتزكية النفوس, وله أثره أيضًا في تهذيب الشخصية الاجتماعبة الراقية التي يتميز بها المسلم.
والطفل يكتسب قيمه الأخلاقية من البيئة والمحيط الذى يعيش فيه ، ويجب على الكبار أن يساعدوه في هذا الأمر، ولا يجب أن يبادروه بالسلوك الذي لا يرونه لائقاً ولا يريدونه أن يصدر منه.
ومن أهم الأمور في التربية الأخلاقية للطفل هي أن يحافظ كل من الأب والأُم والآخرين على سلوكهم هم أولاً، وإلاّ فإنّ أوامرهم وقوانينهم الأخلاقية التي لا يتمسكون بها لن تنتج ولا تعطي ثمارها بالنسبة لأولادهم. فإذا كان الأب والأُم والمربّون، صادقين ومستقيمين ويدركون أهمية الوقت ـ مثلاً ـ وملزمِيْن برعاية السلوكيات المقبولة أخلاقياً، فإنّ الأطفال سيتقبلون هذا السلوك وتلك الصفات بسهولة وسوف يؤدونها بعد ذلك؛ لذلك، فإنّ الأمر المهم في نمو الأخلاق، ليس هو أمر ونهي وتوبيخ الأطفال جرّاء قيامهم بالأعمال غير الصحيحة؛ بل المهم هو في نفس إعراض الوالدين والمربِّين عن تلك الأعمال والسلوكيات الخاطئة واللامعقولة مثل: الكذب على الأطفال، فالإعراض عن تلك الأعمال القبيحة سيجعل الطفل في معرض تعلّم الأعمال الصحيحة بشكل صائب ومثمر. ويلزم التذكير أن التربية الأخلاقية للطفل هي ليست بمعنى منع الطفل عن القيام بأي عمل؛ بل الأفضل أن لا نسلب حريته عن كل ما ليس من شأنه أن ينجم عنه الإضرار بالطفل. وسوف نستكمل الحديث عن النمو الخلقى فى المقالة القادمة بمشيئة الله .
قال الله تعالى :
(وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)ال عمران 104
{ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } (لأعراف:199)
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : احيوا الحق بذكره واميتوا الباطل بهجره
الله أكبر إن دين محمد أقوى وأقوم قيلا
طلع الصباح فأطفئوا القنديلا منقول