الصوم عند الفرق الأخرى
الصوم عند بعض مشايخ الصوفية:
يربط بعض الصوفية بين الكشف، وترك التكاليف، فيرون أن الإنسان متى كُشِف له شيءٌ من أمر الغيب - وما أكثر ما يتوهمون في هذا الشأن - سقط عنه التكليف، فلا صلاة، ولا صيام، ولا غير ذلك! ويستشهدون على ذلك بقوله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99].
وروي أنَّ الحلاج كان يقول لأتباعه: (من صام ثلاثة أيامٍ، لا يفطر إلا في اليوم الرابع على ورقات، أجزأه ذلك عن صوم رمضان).
الغرائب الفقهية عند الشيعة الإمامية في مسائل الصوم قالوا:
• الصائم إذا ارتمس في الماء فسد صومه.
• الصوم لا يفسد بالإيلاج، على ما ذهـب إليه أكثرهـم، وفي كتـاب (الشرائع) الذي هو أحد كتبهم المعتبرة ما نصه: (ويجب الإمساك عن تسعة: الأكل، والشرب، والجماع قبلًا ودبرًا، على الأشهر، وفي فساد الصوم بوطئ الغلام تردد، وإن حرم).
• أكل جلد الحيوان لا يفسد الصوم، ولكن عند بعضهم، وعند بعضٍ آخرَ منهم، أن أكل أوراق الأشجار لا يفسد الصوم أيضًا، وعند بعضهم لا يفسد الصوم أكل ما لا يُعتاد.
• يستحب صوم يوم عاشوراء من الصبح إلى العصر.
• صيام اليوم الثامن عشر من ذي الحجة سنةٌ مؤكَّدة.
• يحرم استعمال الطيب للمعتكف.
الصوم عند الإسماعيلية:
الصوم عندهم هو الستر والكتمان.
ولقد أفصح في هذا السجستاني بعض الإفصاح حيث قال:
(الصوم هو الصمت بين أهل الظاهر، وكتمان الأسرار عنهم...وصوم شهر رمضان هو ستر مرتبة القائم... ومن شهد منكم الشهر فليصمه، أي: من أدرك زمان الإمام فليلزم الصمت!!
قال البغدادي: (إنهم تأولوا لكل ركنٍ من أركان الشريعة تأويلًا يورث تضليلًا، فزعموا أن معنى الصلاة موالاة إمامهم، والحج زيارته، وإدمان خدمته، والمراد بالصوم، الإمساك عن إفشاء سر الإمام).
وقال ابن تيمية عنهم: (فيجعلون الشرائع المأمور بها، والمحظورات المنهي عنها: لها تأويلاتٌ باطنةٌ تخالف ما يعرفه المسلمون منها، كما يتأولون من الصلوات الخمس، وصيام شهر رمضان، وحج البيت، فيقولون: إن الصلوات الخمس معرفة أسرارهم، وإن صيام رمضان كتمان أسرارهم...).
ونقل عن بعض رؤساء الباطنية أنه قال لأتباعه: (قد أسقطنا عنكم العبادات، فلا صوم، ولا صلاة، ولا حج، ولا زكاة).
ويقول أحد شيوخهم، وهو قاضي الإسماعيلية ابن حيون في كتابه (تأويل دعائم الإسلام) عن تأويل الصوم: (إنَّ له معنيين: المعنى الظاهر، هو المتعارف عند عامة الناس بالإمساك عن الطعام، والشراب، والجماع، وما يجري مجرى ذلك.
وأما المعنى الباطن للصوم فهو: كتمان علم باطن الشريعة عن أهل الظاهر، والإمساك عن المفاتحة به ممن لم يؤذن له في ذلك).
ومما قال: (إن مثل أيام شهر رمضان التي أمر الله عز وجل بصومها، ما يقابلها من عشرة أئمة، وعشرة حجج، وعشرة أبواب، وذلك في التأويل كتمان أمرهم، وما يلقونه من التأويل إلى من عاملوه إلى أن يأذنوا في ذلك لمن يرونه). وقال: (إن الأيام أمثالها في الباطن أمثال النطقاء، والليالي أمثالها أمثال الحجج، فكما أنه لا بد لكل يومٍ من ليلة، فكذلك لا بد لكل ناطقٍ من حجة، فمثل ليلة القدر، مثل حجة خاتم الأئمة، وحجته يقوم قبله لينذر الناس بقيامه، ويبشرهم به، ويحضهم على الأعمال الصالحة قبل ظهوره واغتنام ذلك؛ لأنه إذا قام انقطع العمل ولم يقبل ولم ينفع).
الصوم عند الإسماعيلية (الآغاخانية) :
جاء في بيانٍ من الإسماعيلية الأغاخانية ما نصه:
(ما الصوم إلا صوم العين، والأذن، واللسان. ولا يفسد صومنا بالأكل والشرب. وصومنا يحتوي على ثلاث ساعاتٍ فقط، ونفطر في الساعة العاشرة صباحًا، وذلك تطوعًا ومشروطًا بمشيئتنا. لكن طوال السنة نصوم يوم الجمعة الذي يكون في بداية الشهر).
الصوم عند الإسماعيلية النزارية (الحشاشون) :
عندهم ما يُعرف بأركان الحقيقة، وقد حلت محل الشريعة، فالشهادة هي أن تعرف الله بالله (أي تعرف الله بالقائم)، والصلاة هي أن تجتنب الآداب والسنن الماضية (أي: الأحكام الشرعية)، والصوم هو أن تلتزم التقية في حديثك مع المبطلين حتى تظل صائمًا!!
الصوم عند الطائفة النصيرية: الصيام عند الطائفة النصيرية، ليس هو عن الأكل، والشرب، وجميع المفطرات في نهار رمضان؛ بل هو الامتناع عن معاشرة النساء طوال شهر رمضان.
الصوم عند الطائفة الدرزية:
الدروز لا يجيزون صوم شهر رمضان، إلا أنهم يصومون في أيامٍ خاصة، وهي التسعة أيام الأولى من شهر ذي الحجة، وصيامهم هو الامتناع عن الأكل والشرب، ويبيحون أيضًا الصوم في أي شهرٍ غير شهر رمضان.
وفي إحدى رسائل الدروز الكبرى، وعنوانها: (الكتاب المعروف بالنقض الخفي) قال فيها: (الصوم عند أهل الظاهر وكافة المسلمين، يعتقدون بأن الناطق قال لهم: ((صوموا لرؤيته))، ويرون في اعتقاداتهم أن من أفطر يومًا واحدًا من شهر رمضان، وهو يعتقد أنه قد أخطأ، وجب عليه صوم شهرين وعشرة أيام كفارة ذلك اليوم، وإن اعتقد أن إفطاره ذلك اليوم حلالٌ له، فقد هدم الصوم كله. ومولانا جلَّ ذكره هدم الصوم بكامله مدة سنين كثيرة بتكذيب هذا الخبر ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته))، وأمرنا بالإِفطار في ذلك اليوم الذي يعتقد المسلمون كلهم بأنه خاتم الصوم، ولا يكون في نقض الصوم أعظم من هذا، ولا أبين منه لمن نظر وتفكر وتدبر. وباطن الصوم، فقد قال فيه الشيوخ: بأن الصوم هو الصمت بقوله لمريم. وهي حجة صاحب زمانه {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا}، يعني بالأكل علم الظاهر، وبالشرب علم الباطن، {وَقَرِّي عَيْنًا} لمزيده، {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} يعني أهل الظاهر {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ} بالأكل على الظاهر، وبالشرب على الباطن، (وَقَرِّي عَيْنًا) لمزيده، (فإما) يعني الإِمام (صَوْمًا) أي السكوت... فبان لنا نقض ما كان في المجلس، وما وصفه الشيوخ من باطن الصوم وسكوته، وأن مولانا جل ذكره فطر الناس في ظاهر الصوم، وفطرهم في باطنه، وهو بالحقيقة غير الصومين المعروفين من الشريعتين، وهو صيانة قلوبكم بتوحيد مولانا جل ذكره، ولا يصل أحدٌ إلى توحيده إلا بتمييز ثلاثين حدًّا، ومعرفتهم روحاني وجسماني وهي: الكلمة، والسابق، والتالي، والجد، والفتح، والخيال، والناطق والأساس، والمتم، والحجة، والداعي، والأئمة السبعة، والحجج الاثنا عشرية، فصار الجميع ثلاثين حدًّا).
الصوم عند الطائفة اليزيدية:
لهم نوعان من الصوم: صومٌ عمومي، وصومٌ خصوصي.
وهم يعتقدون بأن شهر رمضان كان أصم، فلما فرض الله الصوم على المسلمين، أمر اليزيدية به كذلك، ولكن باللسان الكردي، فقال لهم "سي"، ومعناها بلغتهم ثلاثةٌ لا ثلاثون والتي هي "سه "، ولما كان شهر رمضان أطرش، فقد فهم الثانية مكان الأولى؛ لهذا فاليزيدية يصومونه ثلاثة أيامٍ صحيحًا، والمسلمون يصومونه ثلاثين يومًا خطأً.
وهم يصومون هذه الأيام الثلاثة (الثلاثاء والأربعاء والخميس) من شهر كانون الأول الشرقي، يعني أقصر أيام السنة، ويصومونها من الصباح إلى المساء. ومنهم من يقول: إنهم يصومون ثلاثة أيام، وهي تعادل ثلاثين يومًا، أليس الله هو القائل{مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160]. وهذا هو الصوم العام.
أما الصوم الخاص فهو ثمانون يومًا.
والورِع منهم هو الذي يصوم نصفها في 20 كانون الأول الشرقي، ونصفها في 20 تموز الشرقي.
ويذهب الرؤساء الدينيون أربعة أربعة، إلى مقبرة الشيخ عدي، ويصومون هناك ثلاثة أيام، وهي بقية الأربعين يومًا، ثم يعودون إلى قراهم ليمضوا بقية الصوم.
وهم يرون أن المرء إذا نام وقد نوى الصيام، وأحضر إليه أحدهم طعامًا في صباح اليوم التالي، فإنه يأكله ويظل صائمًا، ولا يحتاج إلى صيامه ثانية، وآداب صومهم ومبطلاته شبيهةٌ بصوم المسلمين تقريبًا. ومن عاداتهم أنهم يفطرون على خبزٍ وملح.
وفي أيام شهر رمضان يتظاهرون بالصوم مراعاةً للمسلمين.
الصوم عند طائفة البهائية:
الصوم عند البهائية كما جاء عن البهاء المازندراني في كتابه ((الأقدس)).
يقول البهاء في الصوم: (يا قلمي الأعلى، قل يا ملا الإنشاء، قد كتبنا عليكم الصيام أيامًا معدودات، وجعلنا النيروز عيدًا لكم بعد إكمالها كذلك أضاء شمس البيان من أفق الكتاب من لدن مالك المبدأ والمآب).
ومتى يصوم؟
يقول: (قد كتب لكم الصيام في شهر العلاء، صوموا لوجه ربكم العزيز المتعال).
وشهر العلاء - عندهم - هو آخر الشهور البهائية التسعة عشر، ويشتمل على الأيام التسعة.
وما معنى الصوم عند البهائية؟
يخبر عنه حسين علي حيث يقول: (كفوا أنفسكم عن الأكل، والشرب، من الطلوع إلى الأفول، إياكم أن يمنعكم الهوى عن هذا الفضل الذي قد قدر في الكتاب).
بمعنى: ليس عليه إلا الكف عن الأكل، والشرب، من طلوع الشمس إلى غروبها.
وأما فرضيته - عندهم - فمثل فرضية الصلاة أيضًا، فقد عفي عنه المسافر، والمريض، والحامل المرضع، والهرم الكسول.
فعلى من بقي الصوم؟ والناس إما مسافرٌ، ومريض، وإما كسِلٌ وهرم؟ّ
ويقولون: (وعند التكسر والتكاسل، لا يجوز الصلاة والصيام، وهذا حكم الله من قبل ومن بعد).
ويرفع الصوم إن وقع يوم عيد المولود - للشيرازي والمازندراني - ويوم المبعث - إعلان دعوة محمد الشيرازي ببابيته- كما قال في رسالة (سؤال وجواب): (إن وقع عيد المولود، أو المبعث، في أيام الصيام، فلا صوم يومئذ).
-----------
* أصل المادة ماخوذ من موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام.