ضع إعلانك هنا



النتائج 1 إلى 2 من 2

مشاهدة المواضيع

  1. #1
    مشرف
    رقم العضوية : 50
    تاريخ التسجيل : Jun 2010
    المشاركات: 1,744
    التقييم: 10
    مقالات المدونة: 3

     

    01 (18) خبر حادثة الإفك فى غزوة بنى المصطلق





    وحادثة الإفك:
    لمَّا فشل المنافقون في محاولاتهم التخذيلية، وخابت آمالهم في هزيمة المسلمين عبر صراعهم مع الوثنيين واليهود، وحقق النبي صلى الله عليه وسلم انتصارات عديدة على كلتا الجهتين، تحولوا إلى حلقة جديدة من سلسلة الإيذاءات والمحن التي نالها منهم المسلمون، وذلك من خلال أسلوب التخريب الداخلى بنشر الإشاعات المغرضة الهدامة، التي من شأنها أن تزلزل بنيان المجتمع الإسلامى وتشل حركته،

    لقد كان من عادة النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أو غزا غزوة أن يقرع بين نسائه، فجاءت القرعة هذه المرة على السيدة عائشة رضي الله عنها، فخرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق.

    كانت السيدة عائشة خفيفة الجسم وكانت تجلس في هودجها، وكان القوم إذا أرادوا الإقامة بمكان ما أنزلوا الهودج من على البعير،وإذا أرادوا الانتقال حملوا الهودج ووضعوه على ظهر البعير ثم ينطلقون به.

    وخرجت السيدة عائشة رضي الله عنها ذات مرةمن هودجها لقضاء بعض حاجتها، وكان في عنقها عقد، فانسل العقد من عنقها دون أن تشعر، فلما اقتربت من مكان الناس أحست أن العقد ليس في عنقها، فرجعت إلى المكان الذي كانت فيه لتبحث عن العقد ووجدته، فلما عادت مرة أخرى وجدت الناس قد انطلقوا وتركوا المكان وكانوا قد ظنوا أن السيدة عائشة داخل هودجها، فاحتملوا الهودج على ظهر البعير، ولخفة السيدة عائشة وقلة جسمها ظنوا أنها بالهودج، ولم يلحظوا تغييراًفي وزن الهودج.

    فلما رأت ذلك تلففت بجلبابها ثم أضجعت في مكانها وقالت: لو افتقدوني وهم في الطريق سيعودون إلى هذا المكان،

    فإذا بأحدالصحابة وهو صفوان بن المعطل السلمي - وكان قد تخلف عن القوم لبعض حاجته ـ يرى سواد إنسان من بعيد، فتقدم وأقبل عليه، فلما اقترب منها علم أنها السيدة عائشة، والسيدة عائشة متلففة في ثيابها
    فلما مر بها استرجع ولم يكلمها وإنما أناخ لها بعيره لتركب ، ثم أخذ برأس البعير وانطلق سريعاً حتى يدرك الجيش وقد نزل الجيش في نحر الظهيرة،

    فوجد المنافقون الفرصة سانحة لإطلاق سهام الشائعات، فنشروا الريب، وأذاعوا الكذب،
    وقالواكلاماً لا يليق بأم المؤمنين رضي الله عنها، وبهذا الصحابي الجليل،
    وجعل عدو الله زعيم المنافقين يغرى الناس بإثارة الشائعات حتى انزلق في فتنته بعض المؤمنين، فما وصلوا إلا أفاض أهل الإفك في إفكهم.
    حتى وصل كلامهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وانتشر الأمر بين الناس وكان على رأس المتكلمين بهذا الإفك واتهام السيدة عائشة بما هي منه براء: عبد الله بن أبي بن سلول زعيم المنافقين.
    وضاق النبي صلى الله عليه وسلم ذرعاً بدعايات المنافقين، لكنه بشر من البشر، ليس له اطلاع على غيب مكنون ولا ضمير مجهول، ولا على قصد ملفق كاذب

    وكان من حكمة الله عز وجل أن يتأخر شهراً حتى بلغت القلوب الحناجر، والنبي صلى الله عليه وسلم في كرب عظيم، ماذا يفعل أمام تلك الشائعات؟ ولو كان الوحي شعوراً نفسياً ينبع من كيان النبي صلى الله عليه وسلم أو يخضع لإرادته كما يقول الفلاسفه ومن نحا نحوهم من الجهلة والمارقين، فما الذي منعه أن يسارع فيحمى عرضه، ويذب عن نفسه بكلمات ينسبها إلى وحي السماء، ولكنه ما كان ليترك الكذب على الناس ثم يكذب على الله،
    { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ }[الحاقة:44-47]، وقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بدافع بشريته يقلب الرأى على وجوهه ويستعين بمشورة المقربين إليه من أصحابه، فما سمع منهم إلا خيراً في أهله، فما كان منه إلا أن شكا أهل الإفك لأصحابه في المسجد فقال: يا معشر المسلمين! من يعذرنى من رجل قد بلغنى عنه أذاه في أهلى، والله ما علمت على أهلى إلا خيراً

    كل هذا وعائشة رضي الله عنها لا تدرى شيئا عما حدث حولها، لأنها لما رجعت المدينة مرضت فلم تشعر بما يتناقله الناس، إلا أنها كانت تستشكل غياب وده وتلطفه الذي كان يزيد في حال مرضها، فلم تر ذلك في مرضها هذا، ثم أنها علمت من أم مسطح فكانت الفجيعة، وأي فجيعة من أن يتهم إنسان بريء بتهمة لم يقترفها وليس هناك أي دليل على براءته، ولا يجدأحداً يدافع عنه؟! بل نظرات الاتهام تبدو من أعين من حوله وعلامات الشك تبدو منأحب الناس إلى قلبه!

    {لم يعرف النوم لها سبيلاً منذ علمت الخبر··· ليلتان كاملتان لم تكف عن البكاء ولا يرقأ لها دمع حتى كاد البكاء أن يفتت كبدها··· شهراً كاملاً وهي مريضة جليسة الفراش بعد أن عادت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة بني المصطلق وهي لا تعلم ماذا يدور حولها، وماذا يقول الناس عنها، وماذا في قراراة نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم تجاهها·

    فازداد مرضها واستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأتي أبويها فأذن لها، وهناك أكدت لها أمها خوض الناس في شأنها، فقالت سبحان الله ! أوقد تحدث الناس بهذا، فبكت تلك اليلة لا يرفأ لها دمع ولا تكتحل بنوم، وهي تنتظر أن يُعْلم الله نبيه ببراءتها برؤيا صادقة، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه كان في أشد الحاجة إلى وحي يطمئن نفسه ويذب عن عرضه ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاها في بيت أبيها، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (
    أما بعد يا عائشة إنه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفرى الله وتوبي إليه)، فشق ذلك عليها جداً وطلبت من أبويها أن يجيبا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كل منهما: لا أدرى ما أقول لرسول الله، ولما أيست عائشة من ثبات برائتها تمثلت بقول يعقوب عليه السلام: { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ }[يوسف:18]، فما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من مجلسه حتى أنزل الله عليه آيات البراءة:{ إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ }[النور:11] ... إلى آخر الآيات فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أبشرى ياعائشة: قد أنزل الله براءتك ) وهكذا تولى الله تعالى بنفسه الدفاع عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل قرآنا يتلى إلى يوم الدين يشهد ببراءة الصدّيقة بنت الصدّيق مما أشيع في حقها، ويظهر منزلة رسول الله وأهل بيته عنده، وكرامتهم عليه.

    وما أفجع أن تتهم المرأة الطاهرة العفيفةالشريفة في أغلى ما تملك؟ ومن هي؟ إنها الصديقة بنت الصديق أم المؤمنين، زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأثيرة قلبه، والمدللة لديه، وابنة الصديق أبي بكر رضي الله عنه، أول المؤمنين إسلاماً والخليفة الأول للمسلمين···!!

    أمر لا تستطيع مفردات اللغة وصف صعوبته على النفس، لذا آثرت الصمت فالصمت في حال كتلك أبلغ من أي كلام تدافع به عن نفسها،محنة ما أشدها، وهي محنة قريبة إلى حد بعيد بتلك التي عاشتها السيدة مريم عليهاالسلام، لكن الله تعالى في الحالين أنزل تبرئتهما من عنده.

    فما المحنة هذه التي ألمت بأطهر النساء!! وماالتهمة التي هي منها براء؟!!


    لقد كان حادث الإفك خيراً في الآجل والعاجل من حيث فوائده العظيمة ونتائجه العميمة، وصدق الله: { لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ }[النور:11]، فمن فوائده أن الله أراد أن يضرب بوقوعه المثل للمؤمنين بأن الاتهام الكاذب لم يبرأ منه سيد البشر صلى الله عليه وسلم، وأفضل الناس بعد الأنبياء، حتى لا يتسرع المؤمنون في مواجهة مثل هذه الحوادث، بل يجب على من ابتلى بشيء من ذلك أن يتجمل بالصبر ويتصرف بحكمة وروية، ومن فوائد وقوع هذه الحادثة بيان خطورة الإشاعة وما يترتب عليها من العذاب العظيم في الآخرة، وحتى في الدنيا، فقد جُلِد النفر الذين خاضوا في الإفك جزاء تصديقهم لهذه الإشاعة وإشاعتها، ومن فوائد هذه القصة أنها بينت اختلاف مواقف الناس على حسب إيمانهم وديانتهم، فقد ضرب كثير ممن سمع الإفك أروع الأمثلة على الديانة والورع والقيام بحقوق الأخوة وحسن الظن بالمسلمين، فمن ذلك أن أم أيوب قالت لزوجها أبي أيوب: ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة ؟! فقال أبو أيوب: بلى ! وذلك الكذب، أكنت يا أم أيوب تفعلين ذلك ؟ قالت: لا والله ما كنت لأفعله! قال: فعائشة والله خير منك ! ومن أروع مواقف إحسان الظن بالمسلمين موقف زينب بنت جحش، وكانت هي التي تسامي عائشة من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم والضرائر مجبولات على الغيرة، ولا شك أن هبوط سهم عائشة يرفع من قدر ضرتها ـ لكن ورعها رضي الله عنها وديانتها أبت لها حين سألها النبي صلى الله عليه وسلم عن عائشة إلا أن تقول: أحمى سمعى وبصري! ما علمت إلا خيراً، وقريب من هذا قول أسامة بن زيد لما استشارة النبي صلى الله عليه وسلم في شأن عائشة، قال: يا رسول الله أهلك، وما نعلم إلا خيراً، ولقد ورد على لسان بعض هؤلاء نفس العبارة التي أراد الله من الخائضين أن يتوقفوا عندها، { مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ }[النور:16]، ومن فوائد هذه القصة، التنبيه على خطورة شيوع المنكرات في المجتمع، وأن المشارك في ذلك ولو بالرضا به فيما لو وقع من غيره له عذاب أليم، فكيف بمن يفعله ويباشره { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ }[النور:19]، فمجرد محبة انتشار الفاحشة متوعد عليه بالعذاب، فكيف بمن يعمل على نشرها ويباشر إشاعتها في المجتمع ؟ والفاحشة كل ما عظم قبحه من الأفعال والأقوال مما يشيع في مجتمعات المسلمين الآن من تبرج واختلاط، وانحلال وتشبه بالكافرين، وغناء ماجن، وفن هابط، واتباع للشهوات، وغير ذلك مما أصبحنا نقرؤه ونشاهده صباح مساء. لا شك أن كل ذلك من الفحش الذي يغضب الله لوقوعه، ولا شك أن الرضا بذلك يستوجب العذاب، فكيف بمن يعمل على إشاعته في بلاد المسلمين ؟ ورحم الله القائل:
    ضاع الحياء من القلوب فأصبحت تجـرى وراء خسائس اللـذات


    الحديث :

    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج أقرع بين أزواجه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه . قالت عائشة : فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي ، فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما نزل الحجاب فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه . فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل ، فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش ، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي ، فإذا عقد لي من جزع أظفار قد انقطع ، فالتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه . وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي فاحتملوا هودجي ، فرحلوه على بعيري الذي كنت ركبت وهم يحسبون أني فيه وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلهن اللحم إنما يأكلن العلقة من الطعام فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه ، وكنت جارية حديثة السن ، فبعثوا الجمل وساروا ، فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب فأممت منزلي الذي كنت به وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي فبينا أنا جالسة في منزل غلبتني عيني فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأدلج ، فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسان نائم ، فأتاني فعرفني حين رآني ، وكان يراني قبل الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني ، فخمرت وجهي بجلبابي ، والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه ، حتى أناخ راحلته فوطئ : على يديها فركبتها ، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة ، فهلك من هلك ، وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي بن سلول ، فقدمنا المدينة ، فاشتكيت حين قدمت شهرا ، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك ، ولا أشعر بشيء من ذلك ، وهو يريني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي ، إنما يدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يقول : كيف تيكم ، ثم ينصرف ، فذاك الذي يريبني ولا أشعر بالشر ، حتى خرجت بعد ما نقهت ، فخرجت معي أم مسطح قبل المناصع ، وهو متبرزنا وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل ، وذلك قبل أن تتخذ الكنف قريبا من بيوتنا ، وأمرنا أمر العرب الأول في التبرز قبل الغائط ، فكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا . فانطلقت أنا وأم مسطح – وهي ابنة أبي رهم بن عبد مناف ، وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق ، وابنها مسطح بن أثاثة – فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي وقد فرغنا من شأننا ، فعثرت أم مسطح في مرطها ، فقالت : تعس مسطح . فقلت لها : بئس ما قلت ، أتسبين رجلا شهد بدرا ؟ قالت أي هنتاه أولم تسمعي ما قال ؟ قالت قلت : وما قال ؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك ، فازددت مرضا على مرضي . فلما رجعت إلى بيتي ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم تعني سلم ثم قال : كيف تيكم ؟ فقلت : أتأذن لي أن آتي أبوي قالت : وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما قالت : فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجئت أبوي ، فقلت لأمي : يا أمتاه ما يتحدث الناس ؟ قالت : يا بنية هوني عليك ، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها . قالت فقلت : سبحان الله ، أو لقد تحدث الناس بهذا ؟ قالت : فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ، ولا أكتحل بنوم حتى أصبحت أبكي . فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله . قالت : فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله ، وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود فقال : يا رسول الله ، أهلك ، وما نعلم إلا خيرا . وأما علي بن أبي طالب فقال : يا رسول الله ، لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير ، وإن تسأل الجارية تصدقك . قالت فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة ، فقال أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك ؟ قالت بريرة : لا والذي بعثك بالحق ، إن رأيت عليها أمرا أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعذر يومئذ من عبد الله بن أبي بن سلول ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر : يا معشر المسلمين ، من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي ؟ فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال : يا رسول الله وأنا أعذرك منه ، إن كان من الأوس ضربت عنقه ، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك . قالت : فقام سعد بن عبادة – وهو سيد الخزرج ، وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن احتملته الحمية – فقال لسعد : كذبت لعمر الله ، لا تقتله ولا تقدر على قتله . فقام أسيد بن حضير – وهو ابن عم سعد بن معاذ – فقال لسعد بن عبادة : كذبت لعمر الله لنقتلنه ، فإنك منافق تجادل عن المنافقين . فتساور الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر ، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت . قالت : فمكثت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم . قالت فأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتين ويوما لا أكتحل بنوم لا يرقأ لي دمع يظنان أن البكاء فالق كبدي . قالت : فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها ، فجلست تبكي معي ، قالت : فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم جلس ، قالت ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها ، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني قالت : فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ثم قال : أما بعد ، يا عائشة فإنه بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرؤك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه . قالت : فلما قضى رسول الله مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة ، فقلت لأبي أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال . قال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت لأمي : أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت فقلت – وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن - : إني والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به ، فلئن قلت لكم إني بريئة – والله يعلم أني بريئة – لا تصدقونني بذلك ، ولئن اعترفت لكم بأمر – والله يعلم أني منه بريئة – لتصدقني . والله ما أجد لكم مثلا إلا قول أبي يوسف ، قال { فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون } قالت : ثم تحولت فاضجعت على فراشي قالت وأنا حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي ، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرؤني الله بها . قالت : فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه ، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء ، حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول الذي ينزل عليه . قالت : فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سري عنه وهو يضحك ، فكانت أول كلمة تكلم بها : يا عائشة ، أما الله عز وجل فقد برأك . فقالت أمي : قومي إليه قالت فقلت : والله لا أقوم إليه ، ولا أحمد إلا الله عز وجل . وأنزل الله { إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه } العشر الآيات كلها . فلما أنزل الله في براءتي قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره : والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال فأنزل الله { ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم } قال أبو بكر : بلى والله ، إني أحب أن يغفر الله لي . فرجع إلى النفقة التي كان ينفق عليه وقال : والله لا أنزعها منه أبدا . قالت عائشة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب ابنة جحش عن أمري فقال : يا زينب ، ماذا علمت أو رأيت ؟ فقالت : يا رسول الله ، أحمي سمعي وبصري ، ما علمت إلا خيرا . قالت – وهي التي كانت تساميني من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع ، وطفقت أختها حمنة تحارب لها ، فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك
    الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - لصفحة أو الرقم: 4750
    خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


















    التعديل الأخير تم بواسطة أبو يوسف ; 30th September 2010 الساعة 08:01 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

webune

flagcounter

احصائيات وترتيب الموقع


Free Page Rank Tool