الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد
من كتاب وصايا الرسول
( شرح وتعليق طه عبدالله العفيفى )
اصدار دار التراث العربى :
عن أبى ذر جندب بن جنادة وأبى عبد الرحمن معاذ بن جبل رضى الله تعالى عنهما
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :
اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن
الراوي: معاذ بن جبل و أبو ذر الغفاري المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 3160
خلاصة حكم المحدث: حسن
رواه الترمزى , وقال حديث حسن , وفى بعض النسخ حسن صحيح .
تلك الوصية تشتمل على ثلاثة حقوق
: حق الله , وحق المكلف , وحق العباد,,
أما حق الله سبحانه وتعالى
ففى قوله صلى الله عليه وسلم ( اتق الله حيثما كنت ) أى فى الخلوة والجلوة والشدة , والرخاء والصحة والمرض والشباب والشيخوخة فى أى زمان أو فى أى مكان , وحسبك أن تنفذ هذا أن تستحضر فى قلبك أن الله مطلع عليك فى جميع أحوالك ولن يأتى ذلك الا بالخوف وخشية الله .
ويحكى أن ثاران بن لقمان قال لأبيه ذات يوم :
ياأبى أى الخصال خير ؟
قال الدين . قال : فان كانت اثنتين ؟
قال الدين والمال قال فان كانت ثلاثة ؟
قال : الدين والمال والحياء قال : فان كانت أربعة قال فالثلاثة وحسن الخلق قال : فان كانت خمسة ؟
قال فالأربعة والسخاء قال : فان كانت ستة قال : يابنى..اذا اجتمعت فيه الخمس خصال
, فهو تقى نقى ولله ولى , ومن الشيطان برى ..
وقد قال تعالى فى كتابه العزيز فى سورة الحشر آية 18
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ( 18 )
ويدخل فى التقوى الكاملة فعل الخيرات وترك المحرمات والشيهات وفعل المندوبات وترك المكروهات وفى التقوى يقول الامام الغزالى رحمة الله عليه : التقوى كنز عزيز فان ظفرت به فكم تجد فيه من جوهر ورزق كريم وملك عظيم , لأن خيرات الدنيا والآخرة جمعت فيه .
أما الحق الثانى وهو حق المكلف فهو الذى أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم فى الوصية
( واتبع السيئة الحسنة تمحها )
قال تعالى فى سورة هود آية 114
{وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}
وقد اختلف فى نفسير الحسنات فقيل هى الصلوات الخمس وقيل هى قول الرجل سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر .حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
- الصلوات الخمس . والجمعة إلى الجمعة . ورمضان إلى رمضان . مكفرات ما بينهن . إذا اجتنب الكبائر الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 233
خلاصة حكم المحدث: صحيح
والكبائر هنا يقصد بها الذنوب ..
ومن صغائر الذنوب
النظرى الأولى بشهوة والجلوس مع أجنبية ,
واللعن وهجو المسلم ( شتمه )
والاشراف على بيوت وعورات الناس
وهجران المسلم لأخيه أكثر من ثلاثة أيام بلا عذر
والضحك عمدا والجلوس ولو قليل مع الفاسق
والصوم فى يوم منهى عنه وكشف العورة ,
ووصال الصوم واستقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط
وسفر المرأة وحدها
والبيع عند آذان الجمعه ,
واشتراط الأجرة على الحديث
والعلم والبول قائما وفى المغتسل والطرق والآذان جنبا ,
والعبث فى الصلاة ..
والكبائر
هى الشرك ( وهو من أكبر الكبائر )
والزنا
واللواط
, وشرب الخمر
, ورجم الزانى المحصن
, والقذف ( وهو رمى المحصنة بالفاحشة )
وكتمان الشهادة ( اذا تعين الأداء على الشاهد بأن يكون لم يوجد غيره )
وشهادة الزور والايمين الغموس ( وهو حلف الحالف متعمدا الكذب ) والفرار من الزحف
وأكل الربا وأكل مال اليتيم والرشوة وعقوق الوالدين
وقطيعة الرحم والكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم
والافطار فى رمضان عمدا
وتطفيف الكيل والميزان وتقديم الصلاة المكتوبة وتأخيرها عمدا , وترك الزكاه ( منعها تهاونا )
والسحر
واليأس من رحمة الله
والأمن من مكر الله ,
وأكل الميتة والخنزير والبغى فى الأرض بالفساد وعدول الحاكم عن الحق
والاصرار على الصغيرة والاعانة على المعاصى
وقتل الانسان نفسه وتصديق الكاهن والمنجم
والطعن فى الأنساب ورمى المسلم بالكفر
والغش فى البيع والكذب والتبرج ( تبرج المرأة )
وتغيير خلق الله وتشبه المرأة بالرجل والرجل بالمرأة وصناعة التماثيل ولبس الحرير والذهب للرجل ...
والحسنة تأتى
بالتوبة الصادقة النصوح التى تجعل العبد لا يعود الى المعاصى مرة أخرى حتى يكتب مع المتقين الذين وصفهم الله بقوله تعالى
فى سورة آل عمران آية 135/133
وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)
وبادروا بطاعتكم لله ورسوله لاغتنام مغفرة عظيمة من ربكم وجنة واسعة, عرضها السموات والأرض, أعدها الله للمتقين.
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)
الذين ينفقون أموالهم في اليسر والعسر, والذين يمسكون ما في أنفسهم من الغيظ بالصبر, وإذا قَدَروا عَفَوا عمَّن ظلمهم. وهذا هو الإحسان الذي يحب الله أصحابه.
وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)
والذين إذا ارتكبوا ذنبًا كبيرًا أو ظلموا أنفسهم بارتكاب ما دونه, ذكروا وعد الله ووعيده فلجأوا إلى ربهم تائبين, يطلبون منه أن يغفر لهم ذنوبهم, وهم موقنون أنه لا يغفر الذنوب إلا الله, فهم لذلك لا يقيمون على معصية, وهم يعلمون أنهم إن تابوا تاب الله عليهم .
أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)
أولئك الموصوفون بتلك الصفات العظيمة جزاؤهم أن يستر الله ذنوبهم, ولهم جنات تجري من تحت أشجارها وقصورها المياه العذبة, خالدين فيها لا يخرجون منها أبدًا. ونِعْمَ أجر العاملين المغفرة والجنة.
مصدر تفسير الايات :التفسير الميسر