ضع إعلانك هنا



النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: قف واعتبر

مشاهدة المواضيع

  1. #1
    عضو مميز
    علم الدولة:
    رقم العضوية : 509
    تاريخ التسجيل : Aug 2013
    المشاركات: 60
    التقييم: 10
    الدولة : المغرب .تمارة.
    مقالات المدونة: 3

     

    01 (18) قف واعتبر

    الموت
    إن الموت حقيقة قاسية رهيبة، تواجه كل حي فلا يملك لها رداً، وهي تتكرر في كل لحظة ويواجهها الجميع دون استثناء، قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [العنكبوت:57]،
    إنها نهاية الحياة واحدة فالجميع سيموت لكن المصير بعد ذلك يختلف،
    فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ
    [الشورى:7]،
    وفي الموت عظة وتذكير وتنبيه وتحذير، وكفى به من نذير،والموت هو الخطب الأفظع والأمر الأشنع والكأس التي طعمها أكره وأبشع، وأنه الحادث الأهدم للذات والأقطع للراحات والأمنيات.

    ولكننا مع الأسف الشديد نسيناه أو تناسيناه وكرهنا ذكره ولقياه مع يقيننا أنه لا محالة واقع وحاصل، والعجب من عاقل يرى استيلاء الموت على أقرانه وجيرانه وكيف يطيب عيشه! وكيف لا يستعد له! إن المنهمك في الدنيا، المكب على غرورها المحب لشهواتها يغفل قلبه لا محالة عن ذكر الموت، وإذا ذُكّر به كرهه ونفر منه، ومن لم يتذكر الموت اليوم ويستعد له فاجأه في غده وهو في غفلة من أمره وفي شغل عنه.
    قال مالك بن ينار: ( لو يعلم الخلائق ماذا يستقبلون غداً ما لذوا بعيش أبداً ). وما خاف مؤمن اليوم إلا أمن غداً بحسن اتعاظه وصلاح عمله، ولكن كثيراً من الناس مع الأسف الشديد يضيع عمره في غير ما خلق له،
    ثم إذا فاجأه الموت صرخ رَبِّ ارْجِعُونِ [المؤمنون:99]
    ولماذا ترجع وتعود لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:100]
    وأين أنت عن هذا اليوم أيها الغافل؟ ألا تعمل وأنت في سعة من أمرك وصحة في بدنك، ولم يدن منك ملك الموت بعد.

    إن ما نراه في المقابر أعظم وأكبر معتبر، فحامل الجنازة اليوم محمول غداً، ومن يرجع من المقبرة إلى بيته اليوم سيرجع عنه غداً ويُترك وحيداً فريداً في قبره مرتهناً بعمله، إن خيراً فخير وإن شراً فشر.
    وحيــداً فـريـداً فـي التـراب وإنمـا
    قرين الفتى في القبر ما كان يعمل

    ولكن ما أقل من اتعظ وما أنذر من اجتهد، إن كان من قصر أمله، وجعل الموت أمام ناظريه عمل بلا شك للآخرة واستفاد من كل لحظة من لحظات عمره في طاعة ربه وتحسر على كل وقت أضاعه بدون عمل صالح يقربه إلى الله، وهو لما قدم من عمل فرح مسرور بالانتقال إلى الدار الآخرة وهذا هو المغبوط حقاً.
    قال لقمان لابنه: ( يا بني أمرٌ لا تدري متى يلقاك استعد له قبل أن يفجأك ).
    وقال بعض السلف: اعلم أنه لو لم يكن بين يدي العبد المسكين كرب ولا هول ولا عذاب سوى سكرات الموت بمجردها لكان جديراً بأن يتنغص عليه عيشه ويتكدر عليه سروره ويفارقه سهوه وغفلته، وحقيق بأن يطول فكره ويعظم له استعداده، كيف ونحن نعلم أن وراء الموت القبر وظلمته، والصراط ودقته والحساب وشدته، أهوال وأهوال لا يعلم عظمها إلا بالله .
    للمـوت فاعمـل بجـد أيهـا الرجــل
    واعـلم بأنــك مـن دنيــاك مـرتـحـل
    إلـى متى أنت فـي لهـو وفي لعب
    تمسي وتصبح في اللذات مشتغل
    اعمل لنفسك يا مسكيـن في مهـل
    مــا دام ينفعـك التـذكـار والعـمـل

    القبر
    القبر هو أول منازل الآخرة فكيف بنا أهملنا بنيانه وقوضنا أركانه وليس بيننا وبين الانتقال إليه إلا أن يقال: فلان مات. قال صلي الله علية وسلم :
    ما رأيتُ منظرًا قط ُّإلَّا والقبرَ أفظعُ منه.
    الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 5623
    خلاصة حكم المحدث: حسن


    وقال عليه الصلاة والسلام:
    القبرُ أوَّلُ منازلِ الآخرةِ فإن نَجا منهُ فَما بعدَه أيسَرُ منه وإن لَم يَنْجُ منهُ فَما بعدَه أشدُّ.
    الراوي: عثمان بن عفان المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 3550
    خلاصة حكم المحدث: حسن


    فارقت موضع مرقدي يوماً ففارقني السكون
    القبر أول ليلة بالله قل لي فيه ما يكـون

    نظرة واحدة بعين البصيرة في هذا القبر والله سوف تعطيك حقيقة هذه الدنيا فبعد العزة وبعد الأموال وبعد الأوامر والنواهي وبعد الخدم والحشم وبعد القصور والدور، أهذه هي نهاية ابن آدم في هذه الحفرة الضيقة المظلمة.
    تالله لو عاش الفتى في عمره
    ألفاً من الأعـوام مالك أمـره
    متـلـذذاً فيهـا بكـل نـعيـم
    متنعماً فيهـا بنعمـى عصـره
    ما كان ذلك كله في أن يفي
    بمبيت أول ليلـة فـي قبـره

    أخي الحبيب:
    انظر لحال الموتى وتأمل حالهم ومآلهم فوالله إنه سيأتيك يوم مثل يومهم وسيمر عليك ما مرّ بهم، ألا فاعتبر واستعد، ولا تغفل ولا تنسى مصيرك ومآلك، فهل تصورت نفسك وأنت مكان هذا المدفون، والله إنها نعمة كبيرة أن أعطاك الله العبرة من غيرك ولم يعط غيرك العبرة منك، فأعطاك الفرصة أن تحاسب نفسك وتستعد لذلك المصرع، فهلاّ استفدت من هذه
    الفرصة ما دام في الوقت مهلة، لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ [الصافات:61]
    وجاء في الحديث عن النبي أنه قال: {

    قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :
    إذا وُضِعَتِ الجِنَازَةُ ، فاحتملَها الرجالُ على أعناقِهم ، فإن كانت صالحةً قالت : قَدِّمونِي قَدِّمونِي . وإن كانت غيرَ صالحةٍ ، قالت : يا ويلَها ! أين يَذْهَبُونَ بها؟ يَسْمَعُ صوتَها كلُّ شيءٍ إلا الإنسانَ ، ولو سَمِعَها الإنسانُ لَصُعِقَ .
    الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1380
    خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


    فتخيل نفسك يا عبد الله وأنت محمول على الأعناق وعلى أي الحالتين تحب أن تكون.

    وقال : {

    إِنَّي أرى ما لا ترونَ ، وأسمعُ ما لا تسمعونَ ، أطَّتِ السماءُ ، وحُقَّ لها أنْ تَئِطَّ ، ما فيها موضعُ أربعِ أصابِعَ ، إلَّا وملَكٌ واضعٌ جبهَتَهُ للهِ تعالى ساجدًا ، واللهِ لو تعلمونَ ما أعلَمُ ، لضَحِكتُم قليلًا ، ولبكيتُم كثيرًا ، وما تلذذتُم بالنساءِ على الفُرُشِ ، ولخرجْتُمْ إلى الصُعُداتِ تَجْأرونَ إلى اللهِ.
    الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2449
    خلاصة حكم المحدث: حسن


    وهذا الكلام موجه للصحابة رضي الله عنهم فكيف بك أنت أيها الغافل اللاهي تلهو وتلعب وتغني وتعصي الله صباحاً ومساء، ولا كأن أمامك موت ولا قبر ولا حشر ولا نشر، ولا كأن أمامك هذه الأهوال العظيمة، فما أقسى والله قلبك وما أقل عقلك. فتنبه لذلك أيها المسكين إن كنت تعقل وتفهم.

    وجاء في الأثر أن الإنسان إذا وضع في قبره وكان فاجراً عاصياً تقول له الأرض: والله إن كنت لمن أبغض الناس إليّ وأنت تمشي على ظهري فجئت اليوم في بطني فسترى ماذا أصنع بك من غيظي، فتخيل يا عبدالله وأنت في هذا القبر الموحش المظلم يقال لك مثل هذا الكلام فحينئذ لا ينفعك ندم ولا صياح ولا بكاء ولا أنين.
    وجاء في الحديث أيضاً

    أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: إن العبدَ إذا وُضِعَ في قَبرِه، وتولى عنه أصحابَه، وإنه ليسمعُ قَرْعَ نعالِهم, أتاه ملكانِ ، فَيُقعَدانِه فيقولانِ: ما كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ، لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ، فأما المؤمنُ فيقولُ: أشهدُ أنه عبدُ اللهِ ورسولُه، فَيُقالُ له: انظرْ إلى مقعدِكَ من النارِ، قد أبدلك اللهُ به مقعدًا من الجنةِ، فيراهما جميعًا. قال قَتادَةُ وذكر لنا: أنه يُفْسحُ في قبرِه، ثم رجع إلى حديثِ أنسٍ، قال: وأما المنافقُ والكافرُ فَيُقالُ له: ما كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ ؟ فيقولُ: لا أدري، كنتُ أقولُ ما يقولُ الناسُ ، فَيُقالُ: لا دَريتَ ولا تَليتَ، ويُضْرَبُ بِمَطارِقَ من حديدٍ ضربةً ، فيصيحُ صيحةً، يَسمعُها من يليِه غيرَ الثقلين.
    الراوي: أنس بن مالك المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1374
    خلاصة حكم المحدث:
    [صحيح]

    إنَّ العبدَ إذا وُضِعَ في قبرِه وتَوَلَّى عنهُ أصحابُه ؛ - حتى أنَّه يَسمعُ قَرْعَ نِعالِهِمْ - أتاُه مَلَكانِ ، فيُقعِدانِه فيَقولانِ له : ما كنتَ تَقولُ في هذا الرجلِ ؟ - لِمُحمدٍ - فأمَّا المُؤمنُ فيقولُ : أشهدُ أنَّه عبدُ اللهِ ورَسولِهِ ، فيُقالُ : انْظُرْ إلى مَقعدِكَ من النارِ قدْ أبْدَلَكَ اللهُ به مَقعدًا من الجنةِ ، فيَراهُما جمِيعًا ويُفسحُ لهُ في قبرِهِ سَبعونَ ذِراعًا ، ويَملأُ عليه خُضْرًا إلى يومِ يُبَعثُونَ . وأمَّا الكافِرُ أو المنافقُ فيُقالُ له ما كُنتَ تقولُ في هذا الرجلِ ؟ فيقولُ : لا أدْرِي ، كنتُ أقولُ ما يقولُ الناسُ ، فيُقال له : لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ ، ثُم يُضربُ بِمطراقٍ من حَديدٍ ضَربةً بين أُذُنَيهِ ، فيَصِيحُ صَيحةً يَسمَعُها مَن يلِيهِ غيرُ الثَّقلَينِ ، ويُضيَّقُ عليه قَبرُه حتى تَخْتَلِفَ أضْلاعُه.
    الراوي: أنس بن مالك المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1675
    خلاصة حكم المحدث: صحيح



    فيا عبدالله أي المقعدين تريد؟
    وأيهما أهون عليك طاعة الله أم تلك الأهوال التي أمامك؟
    ! والله إن طاعة الله أهون عليك بكثير مما أمامك فما الذي يمنعك من ذلك وماذا تنتظر!.

    أخي الحبيب:
    هل تذكرت لحظة الفراق عندما تلقي آخر النظرات على هذه الدنيا وتستقبل الآخرة بما فيها من الأهوال والصعاب فإما أن تنتقل إلى سموم وحميم وتصلية جحيم فاعمل من الآن عملاً ينجيك بإذن الله مما أمامك من أهوال ما دام في الوقت مهلة وما دمت تستطيع ذلك لتخرج من هذه الدنيا مرتاحاً وفرحاً مسروراً بلقاء ربك، وبما أعده لك من النعيم المقيم.
    ولدتك أمــك يا ابـن آدم باكـياً
    والناس حـولك يضحكون سـروراً
    فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا
    فـي يوم موتك ضاحكـاً مسروراً
    وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
    والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو يوسف ; 2nd September 2013 الساعة 12:32 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

webune

flagcounter

احصائيات وترتيب الموقع


Free Page Rank Tool