حفر بئر زمزم

[المفوض امره لله]

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

أما بعد

بعد ان تولى عبد المطلب بن هاشم السقاية والرفادة
بعد عمه عبد المطلب فأقامها للناس واقام لقومه ماكان آباؤه يقيمون قبله لقومهم من امرهم وشرف فى قومه واحبوه لكرمه ومروءته .

وكانت بئر زمزم قد دفنت واختفت معالمها منذ زمن بعيد وقد امر الله تعالى عبد المطلب بحفرها حيث قال بن اسحق :
وكان اول ما ابتدىء به عبد المطلب من حفرها , كما حدثنى يزيد بن ابى حبيب المصرى عن مرثد بن عبد الله اليزنى عن عبد الله بن زرير الغافقى ,
انه سمع على بن ابى طالب رضى الله عنه يحدث حديث زمزم حين أمر الله عبد المطلب بحفرها قال : قال عبد المطلب : انى لنائم فى الحجر اذ اتى آت , فقال احفر طيبة , قلت وما طيبة ؟ قال ثم ذهب عنى , فلما كان الغد رجعت الى مضجعى , فنمت فيه , فجاءنى فقال : احفر برة فقلت وما برة ؟ قال : ثم ذهب عنى , فلما كان الغد رجعت الى مضجعى فنمت فيه , فجاءنى فقال : احفر المضمون’ ؟ قال فقلت وما المضمونة ثم ذهب عنى فلما كان الغد رجعت الى مضجعى فنمت فيه فجاءنى فقال احفر زمزم , قال قلت وما زمزم ؟ قال : لاتنزف ابدا ولا تذم ( لايقل ماؤها ابدا ) تسقى الحجيج الاعظم , وهى بين الفرث والدم , عند نقرة الغراب الاعصم , عند قرية النمل ( وهى قرية لا تحرث ولا تبذر وتجلب الحبوب اليها من كل جانب ) وذهب هو وابنه الحارث بن عبد المطلب واخذا المعول ووصلا قرية النمل ووجدا الغراب ينقر عندها بين الوثنين :اساف ونائلة , اللذين كانت قريش تنحر عندهما الذبائح فجاء بالمعول وقام ليحفر حيث امر
فقامت اليه قريش حين عزمه وتصميمه فقالوا :
والله لانتركك تحفر بين وثنينا هذين اللذين ننحر عندهما فقال عبد المطلب لابنه ذد عنى حتى احفر *فوالله لأمضين لما امرت به ... ولما وجدت قريش انه غير نازع , خلوا بينه وبين الحفر , وكفوا عنه فلم يحفر الا قليلا حتى بدا له الطى فكبر وعرف انه قد صدق , فلما تمادى به الحفر وجد فيها غزالين من ذهب ,
( وهما الغزالين اللذان دفنت جرهم فيها حين خرجت من مكة )
ووجد فيها اسيافا قلعية
( اسم معدن يوجد فى قلعة فى اول بلاد الهند من جهة الصين وهو الرصاص )
ووجد ادراعا فقالت له قريش : ياعبد المطلب , لنا معك فى هذا شرك وحق قال : لا , ولكن هلم الى امر نصف بينى وبينكم , نضرب عليها بالقداح قالوا وكيف تصنع ؟
قال : اجعل للكعبة قدحين , ولى قدحين ولكم قدحين , فمن خرج قدحاه على شىء كان له , ومن تخلف قدحاه , فلا شىء له ...
قالوا : انصفت , فجعل قدحين اصفرين للكعبة , وقدحين اسودين لعبد المطلب وقدحين ابيضين لقريش ,
ثم أعطوا صاحب القداح الذى يضرب بها عند هبل
( صنم فى جوف الكعبة وهو اعظم اصنامهم وهو الذى يعنى ابوسفيان بن حرب يوم احد حين قال : اغل هبل اى اظهر دينك ) وقام عبد المطلب يدعوالله عز وجل فضرب صاحب القداح فخرج الاصفر ان على الغزالين للكعبة , وخرج الاسودان على الاسياف والادراع لعبد المطلب , وتخلف قدحا قريش , فضرب عبد المطلب الاسياف بابا للكعبة , وضرب فى الباب الغزالين من ذهب فكان اول ذهب حليته الكعبة فيما يزعمون , ثم ان عبد المطلب أقام سقاية زمزم للحجاج .......

المرجع كتاب السيرة النبوية لابن هشام ص96