بعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثا إلى مؤتة في جمادى الأولى من سنة ثمان واستعمل عليهم زيد بن حارثة فقال لهم إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس فتجهز الناس ثم تهيئوا للخروج وهم ثلاثة آلاف فلما حضر خروجهم ودع الناس أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا عليهم فلما ودع عبد الله بن رواحة مع من ودع بكى فقيل له ما يبكيك يا ابن رواحة فقال والله ما بي حب الدنيا وصبابة ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار { وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا } فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود فقال لهم المسلمون صحبكم الله ودفع عنكم وردكم إلينا صالحين فقال عبد الله بن رواحة : لكنني أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فزع تقذف الزبدا _ أو طعنة بيدي حران مجهزة بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا _ حتى يقولوا إذا مروا على جدثي أرشده الله من غاز وقد رشدا . ثم إن القوم تهيئوا للخروج فأتى عبد الله بن رواحة رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعه فقال : يثبت الله ما آتاك من حسن تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا _ إني تفرست فيك الخير نافلة فراسة خالفتهم في الذي نظروا _ أنت الرسول فمن يحرم نوافله والوجه منه فقد أزرى به القدر . ثم خرج القوم وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يشيعهم حتى إذا ودعهم وانصرف عنهم قال عبد الله بن رواحة : خلف السلام على امرئ ودعته في النخل غير مودع وكليل . ثم مضوا حتى نزلوا معان من أرض الشام فبلغهم أن هرقل في ماب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم وقد اجتمعت إليه المستعربة من لخم وجذام وبلقين وبهرام وبلى في مائة ألف عليهم رجل يلي أخذ رايتهم يقال له ملك بن زانة فلما بلغ ذلك المسلمين قاموا بمعان ليلتين ينظرون في أمرهم وقالوا نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره بعدد عدونا فإما أن يمدنا وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له فشجع عبد الله بن رواحة الناس وقال يا قوم والله إن الذي تكرهون للذي خرجتم له تطلبون الشهادة وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة إنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين إما ظهور أو شهادة , قال عبد الله بن رواحة في مقامهم ذلك قال ابن إسحق كما حدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث عن زيد بن أرقم قال كنت يتيما لعبد الله بن رواحة في حجره فخرج في سفرته تلك مردفي على حقيبة راحلته ووالله إنا لنسير ليلة إذ سمعته يتمثل ببيته هذا : إذا أديتني وحملت رحلي مسيرة أربع بعد الحساء . فلما سمعته منه بكيت فخفقني بالدرة وقال ما عليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة وترجع من شعبتي الرحل ومضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب بقرية من قرى البلقاء يقال لها ماب ثم دنا المسلمون وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة فالتقى الناس عندها وتعبأ المسلمون فجعلوا على ميمنتهم رجلا من بني عذرة يقال له قطبة بن قتادة وعلى مسيرتهم رجلا من الأنصار يقال له عبادة بن مالك ثم التقى الناس واقتتلوا فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شاط في رماح القوم ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى إذا ألجمه القتال اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها فقاتل القوم حتى قتل وكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر في الإسلام الراوي: عروة بن الزبير المحدث:
الهيثمي - المصدر:
مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 6/161
خلاصة حكم المحدث: رجاله ثقات إلى عروة
وعاد خالد بن الوليد منتصرا على جيش بلغ مائتى الف فسمى النبى ذلك فتحا ووصف خال بسيف الله المسلول .
عن والد عباد بن عبدالله بن الزبير الذي أرضعه قال :
- والله لكأني أنظر إلى جعفر بن أبي طالب حين اقتحم عن فرس له شقراء ثم عقرها ثم قاتل القوم حتى قتل فلما قتل جعفر أخذ عبد الله بن رواحة الراية ثم تقدم بها وهو على فرسه فجعل يستنزل نفسه وتردد بعض التردد ثم قال : أقسمت يا نفسي لتنزلنه طائعة أو لتكرهنه _ ما لي أراك تكرهين الجنة إن أجلب الناس وشدوا الرنة _ لطالما قد كنت مطمئنة هل أنت إلا نطفة في شنه . وقال عبد الله بن رواحة : يا نفس أن لا تقتلي فموتي هذا حمام الموت قد صليت _ وما تمنيت فقد لقيت أن تفعلي فعلهما هديت . ثم نزل فلما نزل أتاه ابن عم له بعظم من لحم فقال اشدد بهذا صلبك فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما قد لقيت فأخذه من يده فانتهش منه نهشة ثم سمع الحطمة في ناحية الناس فقال وأنت في الدنيا ثم ألقاه من يده ثم أخذ سيفه فتقدم فقاتل حتى قتل فأخذ الراية ثابت بن أقرم أحد بلعجلان وقال يا أيها الناس اصطلحوا على رجل منكم قالوا أنت قال ما أنا بفاعل فاصطلح الناس على خالد بن الوليد فلما أخذ الراية دافع القوم ثم انحاز حتى انصرف فلما أصيبوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قتل شهيدا ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى قتل شهيدا ثم صمت النبي صلى الله عليه وسلم حتى تغيرت وجوه الأنصار وظنوا أنه كان في عبد الله بن رواحة بعض ما يكرهونه قال ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قتل شهيدا ثم قال لقد رفعوا إلي في الجنة فيما يرى النائم على سرر من ذهب فرأيت في سرير عبد الله بن رواحة أزورارا عن سريري صاحبيه فقلت بم هذا فقيل لي مضيا وتردد عبد الله بن رواحة بعض التردد ومضى الراوي: والد عباد بن عبدالله بن الزبير الذي أرضعه المحدث:
الهيثمي - المصدر:
مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 6/162
خلاصة حكم المحدث: رجاله ثقات
رحم الله بن رواحة ومن استشهد معه .