[frame="2 10"]
سؤال : إذا كان الإسلام ديناً يحث على العمل ولا يتعارض مع العلم، فلماذا نرى مجتمعات المسلمين أكثر المجتمعات تخلفاً؟


يرجع بعض الغربيين تخلف المسلمين في الحضارة المادية من مخترعات ومصنوعات وزراعات وغيرها الى الإسلام ، وهذه تهمة باطلة ونظرة زائفة ، لأن الحضارة الأوروبية الحديثة لم تقم قائمتها إلا على أساس ما وصل إليها من الحضارة الإسلامية عن طريق بلاد الأندلس أو جزيرة صقلية أو ما نقلوه في الحروب الصليبية ، ويشهد بذلك المنصفون من الأوروبيين أنفسهم ، وإذا رجعنا إلى الحقيقة نجد أسباب هذا التخلف ترجع إلى ما يلي :

1- الفترة الزمنية الطويلة التى سيطر فيها الأتراك العثمانيون على العالم الإسلامي وتركوه فيها للجهل والفقر والمرض والخرافات

2- تلاها مباشرة وقوع العالم الإسلامي ، أو إن شئت قل انتقاله من حكم العثمانيين إلى استعمار الأوروبيين الذين كان كل مقصدهم استغلال خيرات هذه الشعوب وجعلها سوقاً لبيع منتجاتهم التى ظهرت عقب الثورة الصناعية الأوروبية


3- حرص الغربيون حتى يومنا هذا على كتمان كل الأسرار العلمية التى توصلوا إليها عن المسلمين حتى تظل لهم الهيمنة والسيطرة ، وإلا فبم تفسر الحرب الشرسة على أي دولة إسلامية تحاول الوصول إلى بعض الأسرار العلمية التى وصلوا اليها؟ مع أنهم يمتلكون أكثر منها تقدماً ، وما أزمة إمتلاك إيران للقوة النووية ببعيد ، فالذين يحاربونها هم الذين يمتلكون هذه القوة ، ويتغاضون عن إمتلاك إسرائيل لها ، بل ويشجعونها على ذلك ، فكأنهم لا يريدون أن تكون هذه الأسلحة إلا معهم أو مع إسرائيل ، وهكذا بقية الأشياء

4- أخذ الأوروبيين في نهضتهم بما وصل إليهم من القيم النبيلة للعمل في الإسلام كالجد والإجتهاد والإتقان والإخلاص والأمانة والحرص على الوقت ، وعند استعمارهم للبلاد الإسلامية حرصوا على أن ينشروا بين المسلمين التواكل والسلبية والإنعزال والكسل ، بل حرضوا علماء الدين على أن ينشروا بين المسلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان فقيراً وعاش فقيراً ومات فقيراً ، ويسلطون الضوء على آيات فسروها وأحاديث ضعيفة ذكروها تحبب في الفقر وتحض عليه ، وهذا خلاف ما كان عليه المسلمون الأولون


5- شجع المستعمرون على نشر المدارس والكليات لنشر الثقافة العصرية الحديثة وحشوها بالمواد النظرية وقليل من العلوم العلمية والعملية التى هي أساس التكنولوجيا العصرية

6- تابع الغربيون والأمريكان شباب العرب في مراحل التعليم المختلفة ، فكل من وجدوه متفوقاً أو نابغاً تابعوه بجدية حتى إذا تخرج أغروه بالذهاب إلى بلادهم واحتضنوه وساعدوه ليستفيدوا بتفوقه ونبوغه في اكتشافات علمية واختراعات عصرية تكون لهم ويتحكمون بواسطتها في غيرهم ، ويكفى أن نعلم أن هناك - كما ذكرت المصادر الصحيحة - مائة ألف عالم عربي يعيشون في البلاد الأوروبية والأمريكية ، ويكفى أن تعلم أن 30% من الأطباء المهرة والمبرزين الأكفاء في انجلترا من أصل مصري ، ولذلك نستطيع أن نقول بإطمئنان أن الحضارة الأمريكية التى يدعون أنها أرقى حضارة في العالم الآن بناها ولا يزال علماء العالم أجمع وليس الأمريكان بينهم إلا قلة قليلة

7- حرص الغربيون على تقسيم العالم الإسلامي إلى دويلات صغيرة شغلوها بالحروب في أرجاءها بين أبناءها في سبيل الكرسي ، أو بالحروب بينها وبين بعضها ، فاستهلكت ميزانيات هذه الدول في الأسلحة والحروب أو في المنفعة الذاتية والمتع الشخصية للطبقة الحاكمة ، ولم يتبق إلا شيء لا يذكر لميزانية التعليم والبحث العلمي


8- تبنت المخابرات الغربية والأمريكية جماعات دعوية إسلامية هيأت لها المال ، ودعتها إلى جذب الشباب المسلم المعاصر للدين ، وحرصت على أن يتمسك هذا الشباب بالظاهر السطحي للدين ويحارب ويقاتل في سبيل تحقيقها ، وتركوا الأهم للإسلام والمسلمين وهو التقدم والمدنية والأخذ بالأساليب العصرية ، وبعد أن كبرت هذه الجماعات وسمنت شجعوهم على الصراع والإقتتال بينهم وبين بعضهم ، وبينهم وبين الحكومات في بلادهم الإسلامية ، فصار المسلمون صرعى للفتن والمؤامرات والخلافات والنزاعات والمشاحانات التى يؤجج نارها الغرب ويمد من أجلها المتصارعين بالمال والسلاح وتظل له الغلبة والهيمنة والسلطة

9- حرص الغربيون على أن تظل الأمم الإسلامية سوقا استهلاكياً لبضاعتهم على إختلاف أنواعها ، فشجعوا المسلمين على إنتاج المواد الخام اللازمة للصناعة كالبترول والمعادن ، وحرصوا على أن يأخذوها كما هي ويعيدوا تصنيعها ويردونها إليهم بأسعار باهظة ليكون في ذلك الربح لهم ، وليظلوا أيضا تابعين لهم ، بل وشجعوهم على أن يضعوا الفائض من أموالهم في بنوكهم ليقوموا باستثمارها في المشروعات الكبرى عندهم وتحرم من ذلك الشعوب الإسلامية ، وفي سبيل ذلك تدخلوا حتى جعلوا صنائعهم هم المهيمنون على القرار السياسي في هذه الدول ليوافق على ما يطلبوه

وإنا نرى أن المسلمين - والحمد لله - قد بدأوا الصحو من هذه الغفوة ، واليقظة من هذه النومة ، وبدأوا ينفتحون على العالم ليأخذوا بأحدث الأساليب ، وعن قريب سنرى أثر ذلك جلياً في كل صنوف حياتهم

[/frame]