من كتاب فقه السنة للمؤلف القدير /السيد سابق
المجلد الثانى باب الجنائز ( مستقر الأرواح )
عقد ابن القيم فصلا ذكر فيه أقوال العلماء فى مستقر الأرواح , ثم ذكر القول الراجح ,
فقال :
قيل : الأرواح متفاوتة فى مستقرها فى البرزخ اعظم تفاوت ,
█◄فمنها أرواح فى أعلى عليين فى الملأ الأعلى وهى أرواح الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وهم متفاوتون فى منازلهم كما رآهم النبى صلى الله عليه وسلم ليلة الاسراء ..
█◄ومنها أرواح فى حواصل طير خضر تسرح فى الجنة حيث شاءت وهى ارواح بعض الشهداء لا جميعهم بل من الشهداء من تحبس روحه عن دخول الجنة - لدين عليه أو غيره _
( فى المسند 308/2 و 330 و 139/4 ) ونص الحديث .
إنَّ رجلًا جاء إلى النبيِّ ، فقال : يا رسولَ اللهِ : ما لي إن قُتِلْتُ في سبيلِ اللهِ ؟ قال : الجنةُ فلما وَلَّى ، قال : إلا الدَّيْنَ ، سارَّنِي به جبريلُ آنِفًا
الراوي: عبدالله بن جحش المحدث:الألباني - المصدر: شرح الطحاوية - الصفحة أو الرقم: 403
خلاصة حكم المحدث: صحيح
)
█◄ومنهم من يكون محبوسا على باب الجنة كما فى الحديث
- رأيتُ صاحبَكُم محبوسًا على بابِ الجنَّةِ
الراوي: - المحدث:الألباني - المصدر: شرح الطحاوية - الصفحة أو الرقم: 403
خلاصة حكم المحدث: صحيح
█◄ومنهم من يكون محبوسا فى قبره كحديث صاحب الشملة التى غلها ( التى سرقها من الغنيمة قبل القسمة ) ثم استشهد(
...............فقال الناسُ : هَنيئًا له الجنةُ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( كلَّا، والذي نفْسي بيدِه، إن الشملةَ التي أخَذها يومَ خَيبرَ من المغانمِ، لم تُصِبْها المَقاسِمُ، لَتَشتَعِلُ عليه نارًا ) . فلما سَمِعَ ذلك الناسُ جاء رجلٌ بشِراكٍ أو شِراكَين إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال : ( شِراكٌ من نارٍ، أو : شِراكانِ من نارٍ ) .
الراوي: أبو هريرة المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6707
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
█◄ ومنهم من يكون مقره باب الجنة كما فى حديث ابن عباس الشهداءُ (على بارقِ نهرٍ ببابِ الجنةِ في قبةٍ خضراءَ يخرُجُ عليهم رزقُهم مِنَ الجنةِ بكرةً وعشيًّا)
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث:أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 4/124
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
█◄ومنهم من يكون محبوسا فى الأرض لم تعل روحه الى الملأ الأعلى
فانها كانت روحا سفلية أرضية , فان الأنفس الأرضية لا تجامع الأنفس السماوية كما لا تجامعها فى الدنيا , والنفس التى لم تكتسب فى الدنيا معرفة ربها ومحبته وذكره والأنس به والتقرب اليه والايمان به وبكتبه ورسله واليوم الآخر هى أرضية سفلية ولن تكون بعد مفارقتها للجسد الا هناك ( الأرض )
كما أن النفس العلوية التى كانت عاكفة فى الدنيا على محبة الله وذكره والتقرب اليه والأنس به والايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله تكون بعد مفارقة البدن مع الأرواح العلوية المناسبة لها , فالمرء مع من أحب فى البرزخ ويوم القيامة - والله -تعالى يزوج النفوس بعضها ببعض فى البرزخ ويوم المعد , ويجعل روح المؤمن مع القسم الطيب أى الأرواح الطيبة المشاكلة لروحه فالروح بعد المفارقة تلحق بأشكالها وأخوانها وأصحاب عملها ( قل كل يعمل على شاكلته ) فتكون معهم هناك ..
█◄وهناك أرواح تكون فى تنور الزناة والزوانى وأرواح فى نهر الدم تسبح فيه وتلقم الحجارة , فليس للأرواح سعيدها وشقيها مستقر واحد , بل روح فى أعلى عليين وروح أرضية سفلية لا تصعد عن الأرض ..
ان النفس لها شأنا غير شأن البدن وأنها مع كونها فى الجنة فهى فى السماء وتتصل بفناء القبر والبدن فيه , وهى أسرع شىء حركة وانتقالا وصعودا وهبوطا وأنها تنفسم الى مرسلة ومحبوسة وعلوية وسفلية ,
ولها بعد المفارقة صحة ومرض ولذة ونعيم وألم أعظم مما كان لها حال اتصالها بالبدن بكثير فهنالك الحبس والألم والعذاب والمرض والحسرة وهناك اللذة والراحة والنعيم والانطلاق وما أشبه حالها فى هذا البدن بحال البدن فى بطن أمه وحالتها بعد المفارقة بحاله بعد خروجه من البطن الى هذه الدار فلهذه الأنفس أربع دور , كل دار أعظم من التى قبلها ,
۩ الدار الأولى فى بطن الأم وذلك الحصر والضيق والغم والظلمات الثلاث ..
۩ والدار الثانية هى الدار التى نشأت فيها وآلفتها واكتسبت فيها الخير والشر وأسباب السعادة والشقاء
۩ والدار الثالثة , دار البرزخ وهى أوسع من هذه الدار وأعظم بل نسبتها اليها كنسبة هذه الدار الى الأولى
۩ والدار الرابعة دار القرار وهى اما جنة واما نار فلا دار بعدهما , والله ينقلها فى هذه الدور طبقا بعد طبق حتى يبلغها الدار التى لا يصلح لها غيرها ولا يليق بها سواها وهى التى خلقت لها وهيئت للعمل الموصل اليها .
ولها فى كل دار من هذه الدور حكم وشأن غير شأن الدار الأخرى فتبارك الله فاطرها ومنشئها ومميتها ومحييها ومسعدها ومشقيها الذى فاوت بينها فى درجات سعادتها وشقاوتها كما فاوت بينها فى مراتب علومها وأعمالها وقواها وأخلاقها فمن عرفها كما ينبغى شهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك كله وله الحمد كله وبيده الخير كله واليه يرجع الأمر كله وله القوة كلها والقدرة كلها والعز كله والحكمة كلها والكمال المطلق من جميع الوجوه ..