"صك الأضحية" خدمة بنكية بإجازة فقهية.. ولكن!
"صك الأضحية" تقليد جديد اتبعته بعض البنوك المصرية يجعل البنك ولأول مرة نائبا عن الفرد في الأضحية؛ يقوم من خلاله المسلم بدفع ثمن الأضحية للبنك الذي يقوم هو نيابة عنه بشراء وذبح وتوزيع الأضحية، وذلك للقضاء على العشوائيات في عمليات الذبح.
هذا التقليد الجديد اتفق على جوازه عدد من الفقهاء على رأسهم
الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الذي أشار إلى أن هذا الصك نوع من أنواع الوكالة، وهي جائزة في النيابة عن الذابح في الأضحية، ويجب على الوكيل -وهو البنك في هذه الصورة- أن يراعي الشروط الشرعية للأضحية من سنها وسلامتها ووقتها الذي يبدأ من بعد صلاة عيد الأضحى إلى مغرب آخر يوم من أيام التشريق، وهو رابع يوم العيد، وأن يتم توزيعها على المستحقين، وألا يأخذ الجزار منها أجره، إلى آخر الشروط الشرعية المرعية في هذا المقام.
البنوك الإسلامية فقط
الدكتور محمد كمال إمام أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الإسكندرية يؤكد على الجواز أيضًا ويشير إلى أن صك البنوك نوع من التوكيل الذي يوكل الأفراد فيه من يذبحون نيابة عنهم، وهو جائز شرعًا وقانونًا.
إلا أنه يشدد على حتمية
أن تكون البنوك التي تقوم بهذه الصكوك بنوكا إسلامية لأن المسألة ذات طبيعة دينية ولا بد أن يقوم بها من يؤمن بأنها شعيرة دينية.
لذلك فهو يؤكد على أن هذا الموضوع لا يجوز أن يكون عاما لكافة البنوك، ولا بد أن يكون متبني المشروع مقتنع بالأهداف الدينية، ولذا فعلى البنك الذي يتبنى هذا الصك أن يتبع نظاما عاما إسلاميا يحكم تصرفاته في عملية الإنابة.
ومع هذا فإن د. إمام يرى أنه يجوز للبنك العادي في البلد الإسلامي القيام بمثل هذا النوع من الصكوك شريطة الالتزام بمجمل الأحكام الشرعية المتعلقة به، أما البنوك الأجنبية أو التابعة لغير مسلمين فهو أمر بحاجة إلى تساؤل.
ويضيف أنه "من المستحسن أن يأكل المضحي من لحم أضحيته، فلا يعطى لحم الأضحية للفقراء فقط، وإنما يجب أن يأخذ المضحي جزءا من أضحيته لنفسه ولأصدقائه، ولذلك يبقى السؤال:
كيف سيتم توصيل أجزاء من الأضحية التي سيتم ذبحها بمعرفة البنك إلى صاحب الأضحية؟!".
تخوف من النتائج
على نفس المنوال أكد د
.رجب أبو مليح الباحث الشرعي بموقع إسلام أون لاين.نت أن حكم ومقاصد التشريعات سواء كانت أوامر أم نواه هي الهدف الأسمى منها؛ لذلك فقد أبدى موافقته الحذرة على هذا الموضوع، حيث أكد على أن "صك الأضحية" جائز من حيث الأصل لو تم بالشروط والضوابط التي يجب توافرها في الأضحية، وأن يقوم بهذه الأضحية البنوك الإسلامية تحت إشراف ومراقبة هيئة الرقابة الشرعية لهذه البنوك.
لكن حذره جاء -كما يؤكد- من خوفه أن تفقد هذه الشعيرة بعض الحِكَم التي تحققها من بث روح الفرح والتكافل والألفة بين الأغنياء والفقراء من جهة، وبين الأغنياء والأقارب والجيران من جهة أخرى، فهذه حكم تتحقق من خلال ذبح الأضحية والأكل منها والتهادي بين الأقارب والجيران والصدقة على الفقراء وكل ذلك يصعب تحققه من خلال الصكوك البنكية.
لذلك فهو يؤكد على أن الأفضل أن تظل هذه الصكوك لمن يعجز عن مباشرة الذبح والتوزيع بنفسه، وتبقى هذه الشعيرة بين عموم الناس لتحقق هذه الحكم التي لا يمكن تحققها من خلال هذه الصكوك.
وكالة مشروعة
الدكتور مصباح حماد وكيل كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر يلمح إلى أنه يمكن حمل صك الأضحية الذي طرحته بعض البنوك المصرية على الوكالة في الأضحية وهي جائزة بشرط الالتزام بشروط الأضحية.
ويوضح أن الأضحية من شعائر عيد الأضحى في الإسلام وهي سنة مؤكدة عند جمهور الفقهاء ويرى الإمام أبو حنيفة أنها واجبة على القادر المقيم، والأضحية لا بد أن تكون سليمة من العيوب طيبة اللحم، وهذه الأوصاف لا بد أن يلتزم بها المضحي وإلا فلا تجزئ. أي لا تصبح أضحية.
ويضيف أن الأضحية لا بد أن تكون من الغنم أو الإبل أو البقر والمستحب أن يباشر المسلم الأضحية بنفسه ويرى أضحيته حتى يكون على علم من خلوها من العيوب وأيضا عند الذبح يستحب له أن يراها ويذبحها بنفسه، وإن ذبحها غيره فإنه ينظر إليها عند الذبح كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لفاطمة: "قومي فاشهدي أضحيتك".
ويشير إلى أنه مع استحباب قيام المسلم بذبح أضحيته أو رؤيتها عند الذبح إلى أن بعض المسلمين لا يستطيعون المباشرة بأنفسهم ومن ثم فقد أجاز الشارع التوكيل بذبح الأضحية، فالوكالة في الأضحية مشروعة وعلى الوكيل أن يلتزم بالأوصاف التي يشترطها الشرع فيها.
ويشدد على أن يلتزم الوكيل بتوزيع لحم الأضحية كما ورد عن الفقهاء بأن يكون الثلث لصاحبها والثلث للفقراء والمساكين والثلث للهدايا، ولو أخرجها كلها للفقراء فلا بأس بذلك، وعليه أن يلتزم بتعليمات موكله بشأن أضحيته، وبناء على هذا فإن ما تفعله بعض البنوك من عمل صك يسمى بصك الأضحية أمر جائز ومشروع والبنك في هذه الحالة وكيل، والوكالة مشروعة.
شبيه الفدي
ويؤكد على الجواز أيضًا الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر حيث يرى أن قيام البنك بإصدار تلك الصكوك لا مانع منه، ويشير إلى أن هذا الأمر يشبه ما تفعله المملكة العربية السعودية في الفدي الذي يذبحه الحجيج، حيث يدفع الحاج ثمن الأضحية لبنك مخصص لذلك في المملكة ويقوم البنك بشراء وذبح وتوزيع الأضحية على من يحتاجها سواء كان المحتاج داخل المملكة أم في أي مكان من العالم، وهذه الوسيلة منعت ما كان يحدث من عشوائيات في الذبح أثناء الحج بشكل كان يؤدي إلى وجود جيف كثيرة من الأضاحي في الطرقات.
ويضيف أن صك الأضحية ما دام سيقوم به بنك معين نيابة عن المضحي في كل خطوات الأضحية فلا شيء فيه، خاصة أن معظم من يقيمون في القاهرة والمدن قد تدفعهم الضرورة إلى عدم القدرة على تحديد المكان الذي سيقوم فيه بوضع الأضحية حتى ذبحها وكذلك كيفية توزيعها بعد الذبح، وهنا فمن الممكن أن ينيب الإنسان بموجب هذا الصك البنك وله كامل الثواب.
صحفي مصري
المصدر:
http://www.islamonline.net/servlet/S...=1173087911278