أن انتشار مُصافَحَة النساء الأجنبيَّات من المُنكَرات التي تَفشَّت بين الناس، وأصبح المُنكِر لها يُنظَر إليه على أنه سَيِّئ النِّيَّة، أو أنه مُتشدِّد في الدِّين ولكن هذا ليس تشدد بل لاننا اعتدنا فعل غير العادى والشاذ فاصبح غير العادى امرا عادياواصبح العادي غير عادى وانقلبت القاعده الى شاذ والشاذ الى قاعده.
فقد اتَّفق عامَّةُ عُلماء الأمَّة: من السَّلف والخَلَف؛ من الفُقَهاء والمُفسِّرين وأهل الحديث وغيرهم - على تحريم مُصافَحة المرأة الأجنبِيَّة، ولم يُعرَف لهم مُخالِف على مَرِّ العصور والأزمان، إلَّا ما قال به بعض المعاصرين من قول شاذٍّ: بجواز مُصافَحة المرأة الأجنبيَّة.
وسنَذكُر بعض أقوال عُلَماء المذاهب المُتَّبَعة في أرجاء المعمورة
أوَّلًا: مذهب الحنفية:
قال صاحب كتاب "الهداية":
"ولا يَحِلُّ له أن يَمَسَّ وجهها ولا كَفَّيها وإن كان يَأمَنُ الشَّهوة ".
وقال صاحب "الدُّرِّ المُختار":
"فلا يَحِلُّ مَسُّ وجهها وكفِّها وإن أَمِن الشَّهوة".
ثانيًا: مذهب المالكية:
قال الإمام ابن العربي (المالكي)
عند قوله تعالى : {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: 12]
عن عروة عن عائشة قالت:
"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحن من هاجر من المؤمنات بهذه الآية : { يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك } . وعن عمه قال : بلغنا حين أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يرد إلى المشركين ما أنفقوا على من هاجر من أزواجهم ، وبلغنا أن أبا بصير : فذكره بطوله" .
الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4182
خلاصة حكم المحدث:[صحيح]
قال مَعمَر: "فأخبرني ابن طاووس عن أبيه قال:
"ما مَسَّت يده يد امرأة إلا امرأة يَملِكُها".
وعن عائشة أيضًا رضي الله عنها - قالت:
" ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط غير أنه يبايعهن بالكلام قالت عائشة والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء إلا ما أمره الله ولا مست كف رسول الله صلى الله عليه وسلم كف امرأة قط وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن قد بايعتك كلاما"
الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 2342
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وقد رُوي أنَّه صافَحهُن على ثوبه. ورُوِي أن عمر صافَحهُن عنه، وأنه كَلَّف امرأة وَقَفَت على الصَّفا فبايَعَتهُن، وذلك ضعيف وإنما يَنبغي التَّعويل على ما رُوِي في "الصحيح"".
""جئت النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة نبايعه فقال لنا فيما استطعتن وأطقتن إني لا أصافح النساء""
خلاصة حكم المحدث: صحيح
[يريد:] لا أباشر أيديهن بيدي، يريد - والله أعلم - الاجتناب؛ وذلك أنَّ حُكم مُبايَعة الرِّجال المُصافَحَةُ، فمَنَع ذلك في مُبايَعة النِّساء؛ لما فيه من مُباشَرَتهن".
ثالثًا: مذهب الشافعية:
قال الإمام النووي - الشافعي - في "المجموع": "وقد قال أصحابُنا: كلُّ من حَرُم النَّظرُ إليه حَرُم مَسُّه، بل المسُّ أشدُّ؛ فإنه يَحِلُّ النَّظر إلى الأجنبية إذا أراد أن يَتَزوَّجها، وفي حال البيع والشراء والأخذ والعطاء ونحو ذلك، ولا يجوز مسُّها في شيء من ذلك". وقال أيضًا في شرحه على "مسلم": "فيه أن بَيْعَة النِّساء بالكلام، وفيه أنَّ كلام الأجنبيَّة يُباح سماعُه عند الحاجة، وأنَّ صوتَها ليس بعورةٍ، وأن لا يَلمَس بَشَرة الأجنبيَّة من غير ضرورة؛ كتَطبيبٍ وفَصْد".
رابعًا: مذهب الحنابلة:
قال شيخ الإسلام ابنُ تيمية في "مجموع الفتاوى" : "ويَحرُم النَّظر بشهوة إلى النساء والمُردان، ومن استحلَّه كَفَر إجماعًا، ويَحرُم النَّظر مع وجود ثَوَران الشَّهوة وهو مَنصوصُ الإمام أحمد والشافعي ... وكل قسم متى كان معه شهوةٌ كان حرامًا بلا ريب، سواء كانت شهوةً تُمتِّع النَّظر أو كانت شهوةَ الوَطء، واللَّمسُ كالنَّظر وأَولى".
وقال ابن مُفْلِح في "الفروع": "فتصافِحُ المرأةُ المرأةَ، والرَّجلُ الرَّجلَ والعجوز والبَرْزَة غيرُ الشابَّة فإنه يَحرُم مصافحتُها، ذكره في "الفصول" و"الرِّعاية"". وقال في "كشاف القناع":
"سُئل أبو عبد الله عن الرجل يُصافِح المرأة قال: "لا"، وشدَّد فيه جدًّا، قلت: "فيُصافِحها بثوبه؟" قال: "لا"، قال رجل: "فإن كان ذا رَحِم"، قال: "لا"، قلت: "ابنته" قال: "إذا كانت ابنته فلا بأس"، والتَّحريم مُطلقًا اختيار الشيخ تقي الدِّين، ويتوجَّه التَّفصيل بين المُحرَّم وغيره، فأما الوالد فيجوز؛ قاله في "الآداب"".
وقد وَرَد الوَعيد الشَّديدُ على فاعل ذلك؛
فعن مَعقِل بن يَسارٍ - رضي الله عنه - قال: "قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم
"لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له"
الراوي: معقل بن يسار المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 3/89
خلاصة حكم المحدث: رجال الطبراني ثقات رجال الصحيح
الراوي: معقل بن يسار المزني المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1910
خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح
ومن المَعلوم أن المفاسِد المُترتِّبة على اللَّمس والمُصافَحة للنساء الأجنبيَّات كثيرة، فمن ذلك: تَحريك الشَّهوة وضعف أو فقدُ الغَيْرة وذَهاب الحياء، فإنَّ من مدَّت يدَها لمصافَحَة الرِّجال، فلا تَأمَن أن تَجُرَّها المَصافَحَة إلى الانبساطِ بالحديث وغيره وهذا ما يحدث بالفعل.
فهذه رساله للجميع لاعاده احياء هذه القاعده التى اندثرت بعد ان غزانا الفكر الغربى
وانا لله وانا اليه راجعون